اخر الاخبارعمودقسم السلايد شو

سـلام مـع الإرهـاب الـطـريـق إلـى إسـرائـيـل الـكـبـرى

 

جعفر محيي الدين _النجف 

 

مـاكـان تصريح الجولاني حول {الـسلام مـع إسرائيل} مجرد زلة لسان أو موقف عابر، بل يمثل انعكاساً واضحاً لاستراتيجية قديمة صاغتها العقول الإسرائيلية والأمريكية منذ عقود، هذه الاستراتيجية تقوم على صناعة الإرهاب، ثم إعادة تدويره ليصبح رأس حربة في مشروع (إسرائيل الكبرى) .

فـي الأمـس غير البعيد كان مصنّفاً في واشنطن عميد الإرهاب في المنطقة، تُكتب ضده التقارير، ويُرفع اسمه على لوائح المطلوبين، وكان يُستَخدم اسمه ذريعة لإشعال الحروب في المشرق، لكن المفارقة أن هذا التصنيف لم يكن سوى مرحلة من مراحل الإعداد، فالمخطط العميق كان يتجه إلى تحويله من رمز للعنف إلى ورقـة سـيـاسـيـة، من مطارد دولياً إلى شريك محتمل في (الـسـلام) إنها اللعبة التي أتقنتها إسرائيل وأمريكا صناعة العدو ثم إعادة إنتاجه بصورة الحليف، لتبرير مشروع الهيمنة وإقـصـاء المقاومة.

لقد كان الجولاني حتى الأمس القريب، رمزاً للفوضى والدمار، فإذا به اليوم يُدفع به إلى واجهة سياسية جديدة، تُهيئه ليظهر بزيّ (رجـل الـدولـة) هـذا التحول لـيس مفاجئاً، بل هـو ثمرة عمل متواصل، مشروع متدرج، هدفه إعادة رسم خرائط المنطقة بما يخدم المصلحة الإسرائيلية، ويمهد الطريق أمام تطبيع مغلّف بغطاء الـسـلام.

إن ما قاله صاحب الحـلم الـوهـمـي نـتـنيـاهـو، عـن إسرائيل الكبرى لـم يكن خطاباً فارغاً، بل إعلاناً لمشروع حيّ في عمق السياسات الأمريكية الإسرائيلية، هذا المشروع يُحوّل المنطقة إلى بؤر إرهـابـيـة متناثرة، ثم يُعيد تشكيلها وفق معايير تـل أبـيـب وواشنطن فـالـرجل الذي عُرف بأنه إرهـابـي، يصبح بين ليلة وضحاها مقبولاً على موائد السياسة، بل شريكاً محتملاً في سلام يفتح أبواب الجغرافيا لصالح إسرائيل.

اليوم ونحن نشهد الضغوطات المتزايدة لحل الـحـشـد الـشـعبـي وتسليم السلاح في العراق، يتضح بجلاء أن الهدف أعمق من مجرد إعادة النـظـام إنه جزء من مخطط يراد له أن يقصي المقاومة، ليعود الإرهاب متصدراً المشهد من جديد، هذه العودة لا تصب إلا في خانة واحـدة توسيع الرقعة الجغرافية لمشروع إسرائيل الكبرى، وتهيئة الطريق لإقامة كيان مهيمن، يتحكم بمفاصل الأمن والسياسة والاقتصاد في المنطقة.

إن تصريح الجولاني، في جوهره، ليس إلا صوتاً من أصوات المشروع الذي طالما اشتغل على تحويل العدو إلى حليف، والإرهاب إلى شريك، والمقاومة إلى عدو. ومن يقرأ خريطة الأحداث بتمعن، يدرك أن ما يجري اليوم هو نسخة مكررة من سيناريو مدروس بعناية منذ عقود، حيث تتحول أدوات الخراب إلى ركائز في معادلة السلام المزعوم، بينما يُقصى من قاوم ويُحاصر من دافع.

إن مشروع السلام مع الإرهاب، سلام على مقاس إسرائيل، يُمكّنها من تحقيق حلمها الأكبر، ويعيد ترتيب المنطقة على حساب شعوبها وتضحياتها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق