اخر الاخبارعمودقسم السلايد شو
حتى تنال حقوقك مُتّ شهيداً أولاً !

مُتّ شهيداً أولاً ……… تنال حقوقك
جعفر محيي الدين _النجف
في العراق الوطن الذي تعب من حروبه كما تعب شعبه من حروب الآخرين، يبدو أن المواطن لا يحقق أمنيته إلا إذا سبقته شهادة وفاة موقعة،
بــ شهيد من الدرجة الأولى حقوقك؟ نعم موجودة
ولكنها محجوزة لمن استشهد قبلك، أما أنت المواطن السليم الذي لم يُقدّم قرباناً للدولة، فيُرجى منك الانتظار خلف الخط الأحمر أو بالأحرى خلف الضريح الأحمر.
تريد قرضاً من البنك؟ ممتاز قُم بتعبئة الاستمارة واحرص على إرفاق شهادة وفاة شهيد من ذويك ترجّح الكفّة ويبتسم لك الموظف، ها! والله خوش شهيد عندكم مستحق.
أما إن ذهبت تطمح بدراسة عليا، فهناك خانة صغيرة لكنها ذات قيمة عظيمة هل لديك شهيد؟
فإن أجبت بنعم تُفتح لك أبواب القبول، وربما تُفرش لك البساط الأكاديمي، أما إذا كنت من الأحياء المتعبين الذين ما زالوا يبحثون عن الحياة، فاعذرنا الأولوية للذين ماتوا قبل أن تحقق أحلامك.
الوطن كما يبدو، لم يعُد يقيس المواطنة بمقدار ما تُقدّم من جهد أو علم أو إخلاص، بل بمقدار ما تُقدّمه من دماء في معركةٍ لم تخترها.
إن المواطن العراقي، الذي نجا من الموت، لم ينجُ من المعاملة وكأنه غير مؤهل للحياة فالأولوية لمن مات، والتهميش لمن عاش وقد أصبح بعض الناس، في لحظة سخرية سوداء يتمنى أن يملك شهيداً في شجرة العائلة أكثر من أمنيته بامتلاك شهادة عليا
هل من العدل أن نُكافئ شهداءنا بإهمال الأحياء؟ هل يجب على المواطن أن يكون شهيداً أو قريباً له ليحصل على وظيفة؟ على فرصة تعليم؟ على قرض سكني؟ على احترام بسيط في طابور الانتظار؟
إننا نحترم الشهداء ونفخر بهم، ونعلم أنهم بذلوا الأرواح لكننا نسأل بألم ألا يحق للحي أن يعيش؟
لقد أنتجت الحروب في هذا البلد تسلسلاً طبقياً جديداً يضعك على الهامش إن لم تكن تحمل صفة قريب شهيد، حتى صار المواطن السليم يُنظر إليه وكأنه ارتكب جرماً، أو أنه أقل وطنية لأنه ما زال على قيد الحياة.
فمتى تنتهي هذه الظاهرة؟
متى نكافئ الإنسان لأنه إنسان؟
متى تكون الأولوية للكفاءة لا للكارثة؟
متى تكون الأحياء أولى بالاهتمام؟
ربما سيأتي اليوم الذي نسمع فيه موظفاً يقول؟
أستاذ إذا ما عندك شهيد فعد بعدين أو قدم على دور الـ2029 يمكن يصير عندك شهيد بهالسنين ونقبل طلبك!
أيها السادة نحب الشهداء نحترم دماءهم لكن دعونا لا نُدفن نحن معهم ونحن أحياء.