اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو

إيرين دورا كافاديا تعزز الدبلوماسية الثقافية بين الدول

من خلال مساهماتها في المشاريع الفنية والمهرجانات

 

حاورها  لـ فضاءات نيوز : دنيا صاحب – العراق 

إيرين دورا كافاديا، الأكاديمية والكاتبة والمترجمة والناشطة الثقافية اليونانية، تسهم في بناء جسور بين الثقافات العالمية عبر الأدب والفنون تعمل على تعزيز التواصل الثقافي والفني من خلال قيادة المشاريع والمؤسسات الدولية، وتسعى أيضاً إلى تقوية الدبلوماسية الثقافية بين الدول عبر الأنشطة التنموية، وتنظيم المهرجانات، والمشاركة في المؤتمرات العالمية.

وبفضل هذه الجهود، أصبحت إيرين شخصية محورية تسعى لدمج الفنون والأدب بالمعرفة من أجل تعزيز قيم الحوار والتفاهم والسلام بين الشعوب ومن خلال مسيرتها المتميزة في التعليم والثقافة، ومناصبها البارزة مثل الأمين العام لمؤسسة كتاب رأس المال العالمية ونائب رئيس مهرجان بانوراما الدولي للفنون، تمكنت من ترك أثر ملموس في المشهد الثقافي العالمي

في هذا الحوار، نسلط الضوء على رؤيتها الفنية والثقافية، وتجاربها في الأدب والفنون، ودورها في إلهام الأجيال القادمة من المبدعين حول العالم.

في بداية هذا اللقاء، نرحب بالسيدة إيرين دورا كافاديا من أثينا، اليونان الأمين العام لمؤسسة كتاب رأس المال العالمية. نود أن نتعرف على بدايات نشأتك في أثينا، وكيف أسهمت تلك النشأة في تغذية شغفك المبكر بتعلم اللغات الأجنبية والكتابة، وكيف انعكس ذلك في تشكيل شخصيتك الثقافية ورسم مسارك المهني في الأدب والتعليم؟

ولدت في أثينا، المدينة الأبدية حيث تتحاور العراقة والحياة العصرية كل يوم. نشأت بين الأطلال القديمة التي ما تزال تتحدث، والشوارع التي تضج بالطاقة الحديثة، فشعرت أن اللغة تحيط بي كالهواء—حتمية، حاضرة في كل مكان، وواهنة للحياة. منذ طفولتي كنت منجذبة irresistibly للغات الأجنبية، كل واحدة منها تنفتح كعالم سري ينتظر أن يُكتشف. وبطبيعة الحال، كان والداي أول من زرع فيّ حب اللغات الأجنبية؛ فوالدي الذي سافر عبر البحار لسنوات كان شاهداً حياً على أهميتها. وهكذا أصبحت الكتابة طريقتي في نسج هذه العوالم معاً في نسيج واحد من المعنى. وكما أقول دائماً: “نحن جميعاً مواطنو اللغة قبل أن نكون مواطني الأمم.” هذه القناعة وجهتني بثبات نحو الأدب، واللغويات، والتعليم كمسار حياتي.

ومع ذلك، جاء نداء الكتابة أبكر من ذلك، ملحّاً وحنوناً، قدراً أعلن نفسه قبل أن أتمكن حتى من تسميته. أتذكر بوضوح محبّب أولى قصصي الغامضة—حكايات بسيطة عن مجموعة من التلاميذ وكلبهم الوفي وهم يحلون الألغاز في قلاع مهجورة أو في أركان حيهم المألوفة. كانت مستوحاة من كتب المغامرات الشبابية التي أحببت قراءتها، لكنها حملت بصمة خيالي الخاص. كنت في الثامنة فقط حين تجرأت على رسم تلك المغامرات الأولى على الورق، أشكل الشخصيات وألون وجوهها بعيني روحي

وعند الثانية عشرة، طلبت من أمي آلة كاتبة—لم تكن هناك حواسيب آنذاك أصبح “تك تك” مفاتيحها موسيقى أحلامي الأدبية الأولى، مؤكداً قراري بالسير في درب الكتابة. لم تكن الكتابة بالنسبة لي تسلية، ولا هواية عابرة؛ كانت أول همسة لرسالة، الشرارة الأولى لنار أبدية ما تزال مشتعلة
وكما أتأمل دائماً: “كتبت قبل أن أعرف ثِقل الكلمات — ومع ذلك حملتني مثل أجنحة.”

 كيف انعكست دراستك في اللغويات الحاسوبية والأدب الألماني على هويتك الثقافية وأسلوبك في التعبير الإبداعي بلغات العالم؟

قد تبدو هذه الدراسات مختلفة جداً عن بعضها، لكنها في الحقيقة اجتمعت بشكل جميل. فقد علمتني اللغويات الحاسوبية أن أرى البنية الخفية للغة وأناقتها الرياضية، بينما كشف لي الأدب الألماني عن روح الكلمات—شِعريتها، فلسفتها، إنسانيتها العميقة—القريبة من جذورها في الفلسفة اليونانية والتي انعكست أيضاً في بنية اللغة. إن اندماج الاثنين شكّل هويتي التعليمية والثقافية: دقيقة وخيالية في آن، منطقية وموسيقية معاً. وما يزال ذلك يحدد طريقتي في الكتابة والتعبير بعدة لغات، دائماً باحثة عن الانسجام بين العقل والإلهام.

لكن وراء ذلك قصة أعمق. بعد الأدب الألماني، اخترت التخصص في اللغويات التقابلية. فمنذ طفولتي، كنت أحمل حبّين عظيمين: الأول لأسرار الكلمات، والثاني للمجهول—التكنولوجيا، العلوم، الفضاء، الفيزياء الكمية، وآفاق الاكتشاف. لكن في ذلك الوقت، كان لا بد من اختيار مسار واحد لدخول الجامعة، واخترت اللغويات. ومع ذلك، للحياة طرقها الخاصة في جمع ما نظن أنه منفصل.

بعد إتمام الماجستير في اللغويات التقابلية، انفتح الباب: فرصة في الجامعة الوطنية، قسم اللغويات، بالتعاون مع الجامعة التقنية الوطنية قسم الروبوتات وأنظمة الذكاء الاصطناعي. وهناك التقت شغفيّ الاثنين أخيراً—اللغة والتكنولوجيا—ومنذ تلك اللحظة، يسيران جنباً إلى جنب.
ومنذ ذلك الحين، أقول دائماً إنني أحمل بداخلي “حبّين في واحد”. فهما لا يتنافسان؛ بل يكمل أحدهما الآخر معاً يغنيان كل كلمة أكتبها، وكل مشروع أعمل عليه، وكل انخراط ثقافي أتبناه.

3- كيف أثرت هذه التجارب في منظورك الفكري والثقافي، وكذلك في أنشطتك ومشاركاتك الدولية لاحقاً؟

حظيت بامتياز العمل كمتطوعة في المعهد الوطني للبحوث “ديموقريطوس”، في قسم الإلكترونيات الدقيقة، حيث كانت مهمتي وسم وتسجيل اللغة الطبيعية البشرية وتحضيرها للترميز في الآلة بالنسبة لي، كان ذلك تجربة مدهشة—أن أشهد كيف يمكن لشيء إنساني عميق كاللغة أن يُترجم إلى نظام. في ذلك الوقت، كان مجرد التفكير بأن الآلات قد “تفهم” الكلمات البشرية يبدو غير معقول لمعظم الناس، لكنني شعرت بأن أفقاً جديداً يفتح أمامنا. وفي نفس الفترة جاء إنجاز حاسم آخر: عرض ورقتي البحثية (إيرين دورا وآخرون) كجزء من الفريق اليوناني المكوّن من أربعة باحثين في المؤتمر الدولي للذكاء الاصطناعي عام 2004، الذي عُقد في جزيرة ساموس باليونان. كان تقاسم البحث في مجال ما يزال في بداياته تجربة متواضعة وملهمة.

وبالنظر إلى الوراء، كانت تلك السنوات مُفعمة بفتح البصائر. جعلتني أدرك أن العلم والقيم الإنسانية يجب أن يسيرا جنباً إلى جنب—فالتقدم بلا أخلاق خطير، بينما الأخلاق بلا تقدم تبقى عقيمة. شعرت بقوة كيف أن العالم يتغير بسرعة مذهلة، وكيف تتكشف إمكانيات جديدة على نحو مدهش؛ وبكلمات الفيلسوف اليوناني القديم هيراقليطس: “τα πάντα ῥεῖ”—”كل شيء يتدفق، كل شيء يتغير.” يرن صداه القديم دائماً في ذهني، لأننا نشهد التدفق نفسه للتاريخ وهو ينحرف نحو عصر جديد. كل هذه التجارب شكّلتني بعمق. علمتني ألا أخاف من التقدم، بل أن أوجّهه؛ وألا أرفض الابتكار، بل أن أُنسنه. لقد وسّعت رؤيتي وأعدّتني لمشاركتي الثقافية الدولية اللاحقة.

4- تشغلين حالياً منصب الأمين العام لمؤسسة كتاب رأس المال العالمية ونائب رئيس مهرجان بانوراما الدولي للفنون. ما هي استراتيجياتك لتعزيز العلاقات الدولية وتحقيق التعاون المشترك في المشاريع والأنشطة الثقافية والأدبية والفنية حول العالم؟

بصفتي الأمين العام لمؤسسة كتاب رأس المال العالمية منذ عام 2020، ونائب رئيس مهرجان بانوراما الدولي للفنون، فإن المبدأ الذي أسترشد به كان دائماً بسيطاً لكنه عميق: بناء الجسور، ملتزمين بشعارنا “جسر الثقافات، توحيد الأمم”. الحوار، والثقة، والتعاون هي جوهر كل ما نقوم به. الهدف هو خلق منصات يستطيع من خلالها الكتّاب والفنانون والمفكرون من كل أركان الأرض مشاركة أصواتهم—عبر المختارات الأدبية، المهرجانات، المنشورات والبرامج الثقافية التي تذيب الحدود وتجمعنا في هدف مشترك.

إن مؤسسة كتاب رأس المال العالمية كما تعلمين، هي أكثر من مجرد منظمة؛ إنها حركة حيّة. مؤسسة غير ربحية غير سياسية، وغير دينية، تسعى لجمع الكتّاب والمفكرين والمبدعين تحت مظلة واحدة، مانحة إياهم فضاءً للتعبير الحيّ، ومشجعة إياهم ليكونوا محركات للسلام، وقيم الإنسانية واحترام الطبيعة. لذلك فإن استراتيجيتنا ذات بعدين: الأول تغذية الروح الأدبية والفنية للأفراد، والثاني تنمية وعي ثقافي جماعي يرسّخ السلام والوئام.

نحقق ذلك من خلال إرشاد الشباب وتشجيع الحوار الحر حول قضايا السلام واللاعنف، وتنظيم المهرجانات الدولية، ودعم التعاون مع الجامعات والمكتبات والهيئات الثقافية حول العالم. ومن خلال تبادل الأفكار مع نظرائنا عبر القارات، نوسع الآفاق ونخلق فرصاً للنمو المشترك. وهكذا يصبح كل مشروع ليس مجرد حدث بل خطوة نحو بناء عالم أكثر رحمة ووعياً ثقافياً.

وفي هذه النقطة، لا يسعني إلا أن أعبر عن خالص امتناني واحترامي العميق لرئيسنا الفخري، المؤسس والرئيس التنفيذي لمؤسسة كتاب رأس المال العالمية ورئيس مهرجانات بانوراما البروفيسور باريث بادم نابهان نامبيار الذي أولاني هذه المسؤوليات—مسؤوليات أعتبرها ليست مجرد مناصب، بل أمانات مقدسة، تحمل قيمة عميقة ومسؤولية جسيمة. إن رؤيته، وإخلاصه، وإيمانه الذي لا يتزعزع بأن “الإنسانية تزدهر عندما تُرعى الفنون والثقافة بلا حدود” تلهمنا جميعاً. وتحت قيادته، أصبحت WCIF وبانوراما منارات عالمية—تذكّرنا بأن الأدب والفن ليسا كماليات بل أدوات حيوية لترسيخ القيم الإنسانية، وحماية كوكبنا، وتكريس السلام ذاته.

 كيف تصفين رؤية مهرجان بانوراما الدولي للفنون؟ وما الأهداف التي يسعى المهرجان لتحقيقها على الصعيد الدولي؟

إن مهرجان بانوراما الدولي للفنون، إلى جانب مهرجان بانوراما الدولي للأدب الحائز على الجوائز، هما من البرنامجين الأساسيين لمؤسسة كتاب رأس المال العالمية. مستوحى من رؤية رئيسنا الفخري، المؤسس والرئيس التنفيذي للمؤسسة ورئيس مهرجانات بانوراما، البروفيسور باريث بادم نابهان نامبيار، فإن بانوراما هو أكثر من مجرد حدث؛ إنه في الحقيقة حوار حي بين الثقافات. رؤيته هي الاحتفاء بالتنوع مع تأكيد إنسانيتنا المشتركة، ونسج أصوات المواهب الصاعدة مع أصوات المبدعين الراسخين، ليقفوا جميعاً جنباً إلى جنب على مسرح التعبير ذاته. وهكذا يعزز بانوراما الوحدة من خلال الفن مذكّراً إيانا أن اللغات قد تختلف، لكن قلب الإنسان يتحدث لغة كونية واحدة.

هنا لا بد لي أن أبرز رؤية والتزام الرئيس نامبيار، الذي يضخ عمله الدؤوب الحياة في بانوراما، ويغذي رسالته العالمية. قيادته هي النور الهادي الذي يحوّل كل موسم من مهرجاناتنا العزيزة إلى حركة حقيقية من أجل الحوار والتبادل الثقافي وكذلك التغيير الاجتماعي—حركة توحّد الأصوات عبر القارات وتجعل الثقافة ليست ترفاً، بل ضرورة لوجود الإنسان.

على الصعيد الدولي، كانت أهدافنا دائماً تسعى لوضع الثقافة، والأدب والقيم الإنسانية في صدارة الحوار العالمي. يطمح بانوراما لخلق بيئة يصبح فيها الفن لغة كونية للسلام والأمل والتضامن—حيث يغذي احترام الطبيعة، ويقوّي المبادئ الإنسانية ويُلهم الكتّاب والفنانين ليكونوا مشاعل للرحمة والوئام.

نحن لا نرى الثقافة كزينة تُعجب من بعيد. بل نؤمن أن الثقافة يجب أن تتدفق، يجب أن تُعاش، فهي ضرورة لوجود الإنسان. بانوراما يحتضن هذا التدفق، مذكّراً العالم بأنه في أوقات الانقسام، فإن الفن والأدب هما اللذان يملكان القوة لإعادة جمعنا، لشفائنا ولإرشادنا نحو الأمام.

 ما الرسالة التي تودين إيصالها إلى قرائك من خلال أعمالك الأدبية والثقافية ومشاركاتك في الأنشطة الدولية؟

“أمشي على الشاطئ أجمع أصداف الحقيقة، كل واحدة كلمة، نغمة، درس وكل واحدة صلاة.”

إذا كان هناك رسالة واحدة أود أن أقدمها للقراء، فهي: إن الفن، والأدب والتعليم ليست هروباً—إنها لقاءات جسور بين العقول والقلوب والعوالم. من خلال أعمالي، ومبادراتي الثقافية وتعليمي، أسعى إلى إيقاظ الأحلام وزرع التعاطف، وإضاءة الجمال والحكمة التي تحيط بنا.

أنا شغوفة بالمعرفة، حساسة وعطوفة بعمق، حالمة تسعد بالطبيعة، وصمت البحر، وفرحة التواصل الإنساني. أنا باحثة لا تكل عن الحقيقة، والنور والجمال، ومحامية مخلصة للقيم الخالدة للإنسانية—المساواة والتضامن، والأخوة، والعدالة، والسلام.

من خلال الكلمات، والألوان، والأفكار أسعى—في حدود قدرتي ومن خلال دوري كجسر بين الثقافات والتخصصات والشعوب—لنسج مسارات وروابط غير مرئية للعين لكنها أقوى من الحجر أو الفولاذ. آمل أن يحمل كل أديب، وقارئ، وطالب وعاشق للفن معهم ذلك الإحساس العميق بالارتباط، والبصيرة، والإلهام الذي لا توقظه سوى المعرفة، والإبداع والتأمل.

 كيف تنظرين إلى تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على تطور الثقافة الأدبية والفنية في العصر الحالي؟

“دع التكنولوجيا تنير الطريق، ولكن دع القلب البشري يقود المسير.”

إن التكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي بشكل خاص، أشبه بالنار: يمكن أن يضيء، ويُلهم، ويُحوّل، أو يمكن أن يطغى ويفتك إذا استُخدم بلا رعاية في العالم المعاصر، هو بالفعل يعيد تشكيل ملامح الأدب والفن، مانحاً المبدعين أدوات لم تكن لتُتخيّل سابقاً يمكن للكتّاب أن يجربوا هياكل سرد جديدة، ويمكن للفنانين أن يستكشفوا أبعاداً بصرية مبتكرة، ويمكن للأفكار أن تعبر الحدود فوراً، لتصل إلى جماهير حول العالم.

ومع ذلك، مهما بلغت الآلات من تقدم فهي تبقى عاجزة عن إتقان الإيقاعات الدقيقة للمشاعر الإنسانية—الضحكة، الحزن، الأمل، والحنين التي تنبض في كل عمل فني أصيل. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد، أن يقترح، أن يكرر أنماطاً، لكنه لا يستطيع أن يشعر بالنبض الذي يمنح الشعر صداه، ولا بالتجربة المعيشة التي تملأ لوحة بالعمق.

إن التحدي والفرصة في عصرنا يكمنان في تحقيق التكامل: احتضان الإمكانيات الاستثنائية التي تقدمها التكنولوجيا، مع ضمان بقاء الروح الإنسانية في مركز الخَلق.

– كيف ترين مستقبل الثقافة والفنون في اليونان والعالم اليوم، وما الاتجاهات التي تتوقعين أن تشكّلها في السنوات المقبلة؟

أعتقد أن مستقبل الثقافة سيتشكل من خلال العولمة والرقمنة معاً، لكنه سيقوم على عطش عميق للأصالة. في اليونان، أرض غارقة في آلاف السنين من الإرث الفني والفكري، أرى نهضة جديدة تتشكل—نهضة تلتقي فيها الحكمة القديمة مع الابتكار الحديث فتبعث الحياة من جديد في الأدب والفنون البصرية، والأداء المسرحي وهذا ليس حلماً بعيداً؛ لقد شهدته بوضوح من خلال برامجنا، حيث تزدهر الإبداعات، ويكتشف الفنانون والجماهير معاً طرقاً جديدة للتفاعل والتأمل والإبداع المشترك.

وعلى الصعيد العالمي، أتوقع أن تصبح الفنون بشكل متزايد هجينة، عابرة للثقافات، ومتاحة للجميع. ستستمر الحدود بين التخصصات، والتقاليد والجغرافيات في التلاشي، مما يعزز حوارات تتجاوز الحدود واللغات. في مؤسسة كتاب رأس المال العالمية، من خلال برامجنا الفريدة، نحن ملتزمون بتحويل هذه الرؤية إلى واقع—بجمع الناس تحت مظلة واحدة، ورعاية الإبداع، وتقوية الروابط التي توحدنا جميعاً، مع كوننا مدافعين عن الطبيعة والحفاظ على كوكبنا.

لكن، فوق كل ذلك، ستبقى الفنون ضمير الإنسانية، مرآة تعكس أفراحنا وأحزاننا، وتطلعاتنا المشتركة. لقد اختبرنا هذا بعمق خلال فترة جائحة كوفيد، حين هدد العزلة التواصل. كان الأدباء والفنانون، الأكثر عرضة للوحدة، ممتنين بشكل خاص للدعم والترويج الذي قدمته لهم مهرجانات بانوراما، حيث ضمنت تواصلهم مع بعضهم البعض عبر القارات. ومن خلال المنصات الرقمية لمؤسسة كتاب رأس المال العالمية، تمكنوا من الوصول إلى جماهير عالمية، والمشاركة في حوارات مباشرة، والشعور بأنهم جزء من مجتمع إبداعي أوسع—مجتمع كان أكثر حيوية من أي وقت مضى، حتى عندما كان القرب الجسدي مستحيلاً بفضل رؤية وبعد نظر الرئيس البروفيسور باريث نامبيار. لقد دعم ذلك وألهم المبدعين من كل الأنواع حتى خلال تلك الأوقات الصعبة حقاً للبشرية جمعاء. وهذا هو جوهر فائدة التكنولوجيا، التي تستفيد منها مؤسستنا بشكل واسع لتمكين كل هذه التبادلات الثقافية على نطاق عالمي.

وكما كتب يورغوس سيفيريس—أحد الحاصلين على جائزة نوبل في الأدب من اليونان: “أينما سافرت، تجرحني اليونان.” آخذة الخيط من اقتباسه أضيف: “أينما تزدهر الثقافة، تشفى الإنسانية.” إنها المُلهِمة ما تزال هنا لنا دائماً، تثبت أنها لم تترك جانبنا قط، ما زالت تقدم لنا عطاياها وتقود الطريق لنا لنسير في عالم الفن والثقافة. إنها هذه الرؤية وهذه الرسالة—الأصالة والحوار، والقوة الدائمة للتعبير الإبداعي—التي يجب أن نحملها معنا في السنوات القادمة، راعين الفنون ليس فقط كمرآة لما نحن عليه، بل كمنارة للضوء ترشدنا إلى ما نصبو ونستحق أن نكون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق