اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو

فضاءات نيوز تحاور .. مصممة الستائر العراقية ألفنانة سوسن الكيلاني

 

       حاورتها: دنيا صاحب – العراق  

 الكيلاني: كل نافذة حكاية وكل ستارة لوحة تعكس روح المكان ورؤية الإنسان الثقافية

** قصة نجاحي تجمع بين أصالة اللمسة العراقية وتصاميم الحداثة العالمية

 

بدأت المصممة العراقية سوسن الكيلاني رحلتها الإبداعية في عالم الستائر، لتجمع في تصاميمها بين الحداثة والأناقة مجسدةً الروح العصرية من خلال ابتكارات فنية استثنائية تنسجم مع الأثاث وديكور المكان. لم تكن الستارة بالنسبة لها مجرد قطعة قماش تنسدل على النافذة، بل عملاً فنياً نابضاً بالحياة، يحمل بصمة شخصية لصاحب المكان، ويمثل امتداداً لهويته الثقافية.
وبخبرة واسعة وذوق رفيع على المستوى العالمي، استطاعت أن تجعل من Gailani Designs Inc اسماً لامعاً في عالم تصميم الستائر. وقد تجسدت خبرتها الفنية والثقافية لعقود من الزمن في هجرتها إلى الولايات المتحدة الأمريكية وإقامتها في مدينة شيكاغو، ما منحها معرفة واسعة بثقافة بلدين مختلفين.
وتسعى حالياً إلى توسيع مشروعها نحو دول أخرى لتقديم مجموعتها الفاخرة في صناعة الستائر، متقنة اختيار الأقمشة الفاخرة بذائقة جمالية فريدة، مع ابتكار تصاميم توظف أحدث التقنيات التكنولوجية لتقديم تجربة جمالية وإنسانية عصرية وراقية.

* بدايةً، هل يمكنكِ أن تحدثينا عن رحلتكِ المهنية والشخصية وكيف أثّرت على انطلاقتكِ في عالم تصميم الستائر؟

– اسمي سوسن الكيلاني، ولدت وعشت في بغداد الحبيبة، وأكملت دراستي الثانوية فيها. وشاء القدر أن أتزوج وأرافق زوجي الذي كان طالباً في جامعة كاليفورنيا لاستكمال دراساته. استغليت الوقت وقدمت على الدراسة وحصلت على البكالوريوس من California College of the Arts، وكان تخصصي التصميم الداخلي – Interior Architecture.
قمت بدراسة عليا لمدة سنتين طمعاً في الحصول على الماجستير، ولكن شاءت الأقدار أن أرزق بابني الأول، مما غيّر اتجاهي من الدراسة لأكون أماً متفرغة. وعندما كبر أولادي قليلاً، قررت العمل في شركة كان معظم ما تنتجه الستائر ومن هنا نشأ حبي لهذا المجال. وبعد فترة وجيزة، قررت أن أبدأ عملي الخاص، وهنا كونت شركتي Gailani Designs Inc.

 

* كيف يؤثر ذوق وشخصية الزبون على تصميم الستائر واختيار أقمشتها؟

– بعد لقائي الأول مع الزبون وعادة ما يكون اللقاء طويلاً بعض الشيء، أستمع جيداً لكل احتياجاته ورغباته، وألقي نظرة دقيقة على الغرف والأثاث الموجود وشكل الشباك، وإذا كان هناك أي تفصيل معماري أو أي عنصر مميز يمكن الاستفادة منه في التصميم النهائي. بعد ذلك أضع أفكاري على الورق وغالباً ما تُنقح أو يُضاف لها بعض التفاصيل، كما أقوم باختيار الأقمشة المناسبة، ثم نعرض الاختيارات على الزبون.كل بيت له شخصيته الخاصة ويجب تنسيق الفرش مع الستائر والاكسسوارات بما يتماشى مع هذه الشخصية وما يعكس فردية ساكنيه. بالنسبة لي، كل شباك هو لوحة خام تنتظر الرسام للإبداع، أو قطعة صلصال بين يدي نحات، ولابد من إضافة لمسات خاصة لكل ستارة تعكس شخصية صاحب المنزل وساكنيه.

* كيف تحددين نوعية القماش المناسب لكل تصميم ستائر، وما الفرق في استخدام الأقمشة الرقيقة مقابل الثقيلة؟

 

– في معظم الأحيان، أضع التصميم أولاً، ثم يكون اختيار القماش متوافقاً مع التصميم من حيث النوعية واللون والشكل والنقش. على سبيل المثال، تصلح الأقمشة الرقيقة للطّي أو تشكيل الكسرات والطيّات، بينما تناسب الأقمشة الثقيلة أعمال التنجيد وما شابه ذلك.

* هل قمتِ بتصميم ستائر تجمع بين الأناقة والكفاءة البيئية، مثل العزل الحراري أو الصوتي، وكيف يتم تحقيق ذلك في أعمالك؟

– يجب التفكير بالبيئة من منظور عدم هدر الطاقة، فهدفنا دائماً هو تقليل تسرب الحرارة أو البرودة إلى الخارج، ويستلزم ذلك استخدام أقمشة وبطائن عازلة وإضافة طبقات من العزل كما نحرص على منع تسرب الضوء في غرف النوم، لضمان الظلمة التامة للزبون الذي يفضل النوم متأخراً، خاصة أثناء عطلة نهاية الأسبوع. أما بالنسبة للعزل الصوتي فنحرص على استخدام ثلاث طبقات من الستائرالمبطنة ببطانة سميكة بالإضافة إلى تشغيل جهاز White Noise لتقليل الضوضاء الخارجية.

* بناءً على خبرتكِ في السوق الأمريكي، خصوصاً في ولاية شيكاغو، ما نوعية العملاء الذين يفضلون اقتناء تصاميمك للستائر، وكيف تختلف أذواقهم وطلباتهم عن غيرهم؟

يميل الفرد الأمريكي بشكل عام إلى البساطة في الذوق والاختيار. ما يجعل التصميم مميزاً، على سبيل المثال، طباعة حروف اسم العائلة أو توقيع الزبون على قماش الستارة، خصوصاً في مكان عمله، أو اختيار العمود من الأحجار أو ما شابه ليصبح نقطة محورية تجذب الانتباه. أحياناً نضيف ما نسميه The element of surprise، مثل تشغيل الستارة بالكهرباء مع سماع موسيقى كلاسيكية خفيفة لبضع دقائق، أو تسليط ضوء من أسفل أو قاع الستارة بلون محدد يضيف رونقاً للألوان المختارة، وقد يكون هذا اللون هو لون الأكسنت.

معظم زبائني من رجال الأعمال الذين يهتمون جداً بتفاصيل مساكنهم أو أماكن عملهم، لأن البيئة التي يعيشون فيها تعكس نجاحهم وهويتهم الشخصية.

* كيف تسهم تصاميمك للستائر في التعبير عن الهوية الثقافية وإعادة تقديم التراث العراقي بروح معاصرة، وما الأسلوب الذي تتبعينه لإضفاء لمسة شخصية وفريدة على كل منزل؟

– فرحت كثيراً بطرحك هذا السؤال، وأسمع كثيراً من زبائني يشهدون بأن أعمالي مميزة حتى لو كانت بسيطة، وأنها تتفوق على ما تقدمه دور الستائر والشركات المنافسة. أنا لا أؤمن بالقوالب الجاهزة أو إعادة الموديلات؛ فكل بيت له روحه الخاصة، ويجب أن يتماشى التصميم مع هذه الروح. أحياناً بعد تسليم المشروع، ألقي نظرة قبل مغادرة المكان، وهنا تأتي المفاجأة؛ إذ ألاحظ بعض التفاصيل وأدرك حينها أن جزءاً من خلفيتي الثقافية من بلاد الرافدين متجسد في التصميم بطريقة غير ظاهرة، ولكني فقط ألمسه، كوني عراقية ومن أصول عربية أحرص على استخدام عناصر مثل المرايا، والكريستال والقطع المنجدة، والسلاسل المعدنية، وطريقة رسم الأقواس، وما شابهها، لإضفاء هوية مميزة وروحاً فريدة على كل غرفة.

* هل مررتِ بتجربة تصميم تجاوزت البُعد الجمالي والوظيفي لتصبح رسالة إنسانية أو ثقافية مؤثرة، وكيف ساهمت تصاميمك في تحقيق ذلك؟

– قبل سنوات، تواصلت معي إحدى مراكز علاج السرطان وسألتني إن كانت لدي الرغبة في مساعدة مريضة شابة مصابة بسرطان الثدي من النوع الخبيث. فتبرعت بتأثيث وعمل ستائر لغرفتين في بيتها، غرفة الضيوف وغرفة الطعام. حينها ذكرت الموضوع أمام إحدى صديقاتي الأمريكيات، فبادرت هي الأخرى بالمساهمة في تحمل التكلفة، وعرضت الفكرة على طاقم العمل، وكان الجميع مستعداً للمشاركة في هذا المشروع الإنساني.

حصلنا على تخفيضات في أسعار الأقمشة والمواد، وكذلك في أجور عمال التنفيذ مثل عامل الطلاء وعمال التنجيد والخياطة، بينما تحملت أنا الجزء الأكبر من تمويل المشروع.

وبجهود مشتركة مع الصديقة وطاقم العمل، أتممنا ديكور الغرفتين بطريقة رائعة وجميلة للغاية. وعندما دخلت المريضة إلى المنزل، أجهشت بالبكاء وعانقتني بشدة شاكرة، كما عانقت باقي المتبرعين، وقالت كلمات ما زالت ترن في أذني: “سيدتي، لقد خلقتِ لي ملاذاً جميلاً أستمتع به لما تبقى من عمري.”

شكراً لك ولطاقم عملك، لا أملك سوى الشكر، وأنا متأكدة أن الخير سيعود لكم. لقد كان هذا اللقاء مؤثراً وأدمع الجميع.

* ما رأيكِ في دمج التكنولوجيا الحديثة والأنظمة الذكية في تصميم الستائر، وهل لديك تجربة سابقة في توظيف هذه التقنية ضمن أعمالك؟

– اليوم لا يخلو أي منزل من التكنولوجيا الحديثة (البيت الذكي) التي تشمل جميع مجالات الحياة، ويأتي عالم الستائر في مقدمة هذه التطبيقات. فاستخدام الكهرباء أو البطاريات لتشغيل الستائر أصبح شائعاً جداً، خصوصاً في المنازل التي يقطنها كبار السن أو ذوو الاحتياجات الخاصة. كما يمكن برمجة الستائر للإغلاق أو الفتح في أوقات محددة لحماية المنزل من أضرار الشمس على المفروشات، أو لأغراض الأمن عند السفر، بحيث يتحرك الستائر ليبدو أن المنزل مأهول ويُقلّل من احتمالات السرقة. أحياناً تُبرمج الستائر لتفتح قبل وصول صاحب المنزل، كي يجد بيته مضاءً وغير مظلم عند العودة.

* ما هي طموحاتك المستقبلية كمصممة ستائر، وهل تخططين لتوسيع علامتك التجارية لتشمل الأسواق العربية والعالمية، أم التوجّه نحو مجالات جديدة في عالم الديكور؟

– حالياً، يتركز معظم عملي في مدينة شيكاغو، وأقوم أيضاً بزيارات منتظمة إلى ولايتي أنديانا وويسكونسن المجاورتين لولاية إلينوي التي أعيش فيها. بلا شك، أطمح إلى المشاركة في الأسواق والمعارض العالمية، لا سيما أسواق الإمارات، لتوسيع نطاق مشروعي وعرض مجموعتي الفاخرة من الستائر على المستوى الدولي.

السيرة الذاتية 

 

الاسم العائلي: يرجع إلى الشيخ عبد القادر الكيلاني، المدفون في بغداد بمنطقة باب الشيخ.

– الولادة والنشأة:
ولدت ونشأت في بيت جدي السيد عبد الرحمن النقيب، الذي كان نقيب أشراف بغداد خلال الحكم العثماني، وانتُخب لاحقًا ليكون أول رئيس وزراء للعراق بعد سقوط الدولة العثمانية، حيث ترأس الحكومة لثلاثة أشهر قبل أن يقدم استقالته.

* المسار التعليمي والمهني:

منذ الصغر كنت مولعة بفكرة الديكور والتصميم الداخلي.

عند سفري إلى بلد المهجر، اخترت دراسة الهندسة الداخلية (التصميم الداخلي) دون أي تردد، امتدادًا لميولي الفنية المبكرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق