اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو

” بقعة حمراء ” نص للشاعرة الجزائرية مريم بوشارب

 

نص –  مريم بوشارب / الجزائر 

 

اصطدمت بصورة جسدي عاريًا أمام المرآة ، تأملته بخجل ثم سرعان ما زال الخجل، رحت أتفحّص تفاصيل ما أرى ، كانت هناك بقعة حمراء صغيرة على الثدي الأيسر وبدل أن أنظر إليها مباشرة إقتربت من المرآة محاولةً تكبير صورتها لتبدو أوضح وحين عجزت عن ذلك لَمست عينيّ باحثة عن نظّارتي !. ثم انتبهت أن هذا الثدي العائم أمام عيني مِلكية تخصّني  وهذه التي في المرآة هي أنا، كان يُمكنني ببساطة لمس البقعة الحمراء بيدي والتحقق منها مباشرة .
لقد صِرت لا أعرف حتّى من يقف أمامي، من يقف خلفي، ما هو واقعي وما هي الأشياء التي تخّصّني وتعنيني.  ففي العزلة ربيت أعشابًا ضارة وتركتها تحتل جُدران ذاتي، أو ربما يحدث هذا بسبب الاغتراب، ألا يجدر بالشكل أن يكون وجهًا للكينونة ويعبّر عنها بطريقة ما، كيف لي أن أحبّ الشعر وأُفتن به ، أن أقرؤه وأعيشه وأنا لا أجرؤ على لمس جسدي والتعرّف إليه؟
لاح في ذاكرتي وجه روبن ويليامز وابتسامته المشرقة  في فيلمه الرائع Dead poets society وهو يقول:
“لا نقرأ أو نكتب الشعر لأنه ظريف، نقرأ ونكتب الشعر لأننا أفراد من الجنس البشري، والجنس البشري ممتلئ بالعاطفة) ، ممتلئ بالعاطفة، أين عاطفتي نحو نفسي، نحو جسدي،  تحت الجلد خرائط عُضوية أجهلها وما يظهر يبدو لي موضوعًا اقرؤه وكأنّه لا يعنيني. من لم يتعلّم كيف يحلم ، كيف يلتقط الحياة في الموت. يموت دائمًا.
ثمّة شيء ما في جسدي، شِعر منسي، ندبات تطفو بذاكرة حَدثٍ ما، ثمّة امرأة تنتمي أكثر لهذا الجسد ، أكثر منّي ، فأنا أرفض هذا الترهل هُنا وذاك الإعوجاج هناك، أرفض لون كاحلي وأصابع قدمي، ثمّة مرض اجتماعي يحول بيني وبين هذا القبول الذي ينتمي لإمرأة أخرى، إمرأة تقرأ الشِعر وتؤمن بالحب ، إمراة تطير كتِلك التي بحث عنها الشاعر في فيلم The dark side of heart.
أخيرا أُحرّك الإصبع الصغير باليد اليمني وأداعب سُرّتي، هذا الكيان الذي تنبثق منه كينونات مُتشعبة وهزيلة ، لم يغفل عن لغز السُرّة شخص حي،  فحين نُحك رؤسنا لنتذكر نلمس السرّة أيضا لنُدرك التجريدية الفيزيقية للجسد، هنا حيث الزغب الصغير تنمو شجيراتُ الرغبة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق