اخر الاخبارعمودقسم السلايد شوملفات
“مضار الثورة التكنولوجية على وعي وفطرة الإنسان

قراءة فلسفية وإنسانية”…
“مضار الثورة التكنولوجية على وعي وفطرة الإنسان:

” المقدمة ”
شهد العالم في العقود الأخيرة ثورة تكنولوجية غير مسبوقة، تجاوزت حدود الصناعة والاتصال لتتغلغل في أدق تفاصيل الحياة اليومية للإنسان. وقد ترافقت هذه الطفرة التكنولوجية مع وعود براقة بالتحسين والتطوير، غير أن آثارها العميقة على وعي الإنسان وفطرته تثير تساؤلات جوهرية حول مستقبل الإنسانية. فهل ما يُعدّ تطورًا تقنيًا هو بالضرورة ارتقاء إنسانيًا؟ وهل استبدال الذكاء الفطري بالذكاء الصناعي يخدم جوهر الإنسان أم يعمّق اغترابه عن ذاته؟ — أولاً: تشويه الفطرة الإنسانية خلق الله الإنسان على فطرة التوحيد، والارتباط بالقيم الروحية العليا، وجعل له العقل وسيلة للتمييز، لا للانفصال عن ذاته. غير أن التكنولوجيا المعاصرة، بما فيها من تطفل على الجسد والدماغ (مثل زرع الشرائح الدماغية)، بدأت تعيد تشكيل الإنسان في صورة صناعية، فتشوّه فطرته القائمة على الحرية، الاختيار، والتكامل بين الروح والجسد ،، العقل والقلب . أمثلة: زرع الشرائح في الدماغ يُضعف الخصوصية الفكرية ويحوّل الإنسان إلى “مُعالج بيانات”، مما يعارض طبيعة الإنسان المتأملة والخلاقة. الإفراط في الاعتماد على الأجهزة الذكية يضعف القدرات الفطرية مثل الحفظ، التخيّل، والتأمل. — ثانيًا: تقويض الوعي الإنساني الثورة الرقمية الحديثة أعادت تشكيل وعي الإنسان بوسائل اصطناعية من خلال الخوارزميات والإعلانات الموجّهة، ما أدى إلى تراجع قدرته على التفكير النقدي وتكوين الرأي المستقل. إذ تُصاغ الذاكرة الفردية والجماعية عبر وسائل التواصل، لا عبر التجربة الحقيقية. نتائج ذلك: استبدال الحكمة بالمعلومة السريعة. ضعف الإحساس بالزمن والتاريخ، مما يفقد الإنسان إحساسه بالهوية والانتماء. الاعتياد على “السطحية” في التعامل مع المعاني الحقيقية والمشاعر والإحساس. — ثالثًا: الإغتراب الروحي والوجودي حين يُختزل الإنسان في أداة إنتاج أو استهلاك، أو حين يُعاد برمجة أعضائه ودماغه، يفقد المعنى العميق لوجوده. وبدلاً من أن يكون الكائن الذي يسعى لمعرفة الحق والحكمة، يصبح تابعًا لآلة تصنع له المعنى، وتحدد له الوعي. مثال صوفي: في نظر العارفين، القلب هو محلّ نور الحق، والوعي هو وسيلة العروج إلى الله. أما التكنولوجيا المفرطة فتربط الإنسان بالأشياء الوهمية لا بالمطلق الحق ، وتُخدر إشارات القلب بالبهرج المادي. — رابعًا: مخاطر “التطبيع” مع فقدان الإنسانية يُخشى من أن تؤدي هذه الثورة إلى تطبيع الإنسان مع التشوّه: التطبيع مع العزلة. التطبيع مع الرقابة الكاملة وسيطرة على الدماغ والسلوك بشكل يتناقض مع الطبيعة الانسانية. التطبيع مع فكرة “ما بعد الإنسان” التي تنكر الحدود الفطرية والروحية للإنسان. — النتيجة التكنولوجيا ليست شرًا بذاتها، هل هي أداة يمكن أن تعزز إنسانية الإنسان أو تُفسدها؟ ، بحسب من يستخدمها ولماذا. ولكن حين تفقد التوازن مع الطبيعة أو الفطرة بسبب الاسراف في استخدامها وتُستخدم في اختراق الوعي وإعادة تشكيل برمجة العقل على هوية تنافي فطرة الانسان وتدمر مدارك العقل و الروح، فإنها تتحول من نعمة إلى نقمة. لذا، فإن من واجب المسؤولين و العلماء و المفكرين، والباحثين، وأهل التصوف، أن ينهضوا لحماية جوهر الإنسان من الضياع والانصياع في آلة العالَم الافتراضي والروبوتات الألية.