اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو
– فضاءات نيوز – تلتقي الكاتبة والشاعرة المصرية فاطمة ناعوت
ناعوت :أمزج بين الحميمي والانساني وفي قصائدي أعبر عن روح مصر

الكاتبة فاطمة ناعوت تمزج بين الحميمي والانساني وتؤكد:
في قصائدي اعبر عن روح مصر
فضاءات نيوز – كريمة الربيعي
فاطمة ناعوت، كاتبةٌ صحفية وشاعرة ومترجمة مصرية وسفيرة الإنسانية من الأمم المتحدة للفنون. تخرجت في كلية الهندسة قسم العمارة جامعة عين شمس. لها، حتى الآن خمسة وثلاثون كتابًا ما بين الشعر والترجمات والنقد الأدبي والثقافي والكتب الفكرية. تُرجمت قصائدها إلى أكثر من عشرة لغات أجنبية. وبعض قصائدها مُقرّرة بالإنجليزية في مناهج التعليم الأمريكي التي تُدرّس للطلاب في أكثر من خمسين دولة في أفريقيا وأوروبا وآسيا ضمن سلسلة كتب My Perspectives. تكتب عددًا من الأعمدة الأسبوعية الثابتة ومقالات دورية في صحف ومجلات مصرية وعربية منها جريدة: المصري اليوم، 24 الإمارات، اليوم السابع، الوطن، الحياة اللندنية، مجلة: ٧ أيام، نصف الدنيا، روز دبي، وغيرها. مثلّت اسمَ مصر في أهم المهرجانات الأدبية العالمية والمؤتمرات الدولية. وشاركت في العديد من ورش الترجمة العالمية مع نخبة من شعراء ومترجمي العالم. وترجمت للعربية روايات أدبية وكتبًا فكرية لكل من ڤرچينيا وولف، فيليب روث، تشيمامندا نجوزي آديتشي، تشينوا آتشيبي، چون ريڤنسكروفت، هيلين فيشر، وغيرهم، عطفًا على عدد ضخم من شعراء العالم القدامى والمعاصرين. تناولت تجربتَها عدةُ أطروحات علمية ورسالات أكاديمية في الوطن العربي وخارجه.
عضو عامل بكل من: نقابة الصحفيين المصريين ونقابة المهندسين المصريين واتحاد كتّاب مصر. تهتم مقالاتها بوجه عام بالبحث عن قيم الجمال وقضايا العدالة وحقوق المواطنة.
قال عنها الناقد الكبير أ.د. “صلاح فضل” في مقال بجريدة “الحياة” اللندنية: “الشاعرة فاطمة ناعوت تحترف الهندسة المعمارية، وتكتب بالعربية والانكليزية شعرًا، فتخترق حواجز اللغات والثقافات، لكي تتواصل مع ذاتها في لحظات صدق حميم وموجع، تترجم رؤيتها إلى كلمات لم يسبق لها الدخول في قاموس الشعر من قبل، تطمح إلى أن تتحقق فيه وتبطل المطمور المخزون في ذاكرة الأسلاف، ترقص على حافة الخطر بين شعرية الائتلاف والاختلاف، وتلعب في تلك المسافة الحرجة بين حرية الابداع وعقوبات التلقي، لا تريد أن تفصل بين منضدة التصميم الهندسي ولوحة التشكيل الشعري”.
فازت ناعوت بالعديد من الجوائز الأدبية العالمية منها المركز الأول في جائزة الشعر بهونج كونج ٢٠٠٦، وجائزة جبران العالمية في سيدني الأسترالية ٢٠١٤, وجائزة “أفضل كتاب مقال” ٢٠٢٤ من مؤسسة “آمال العمدة ومفيد فوزي” الصحفية.
– الكاتبة والشاعرة المصرية “فاطمة ناعوت”، حدثينا عن إصداراتك الشعرية العشرة، بدءًا من “نقرة إصبع” عام ٢٠٠١، وصولاً إلى شرفتي محط العصافير”، كيف تصفين تطور تجربتك الشعرية خلال ما يقارب ربع القرن؟
-من العسير على الشاعر الحديث عن تجربته الشعرية، وتطورها، فهذا يتطل “عينًا خارجية راصدة”، وهذا دور النقّاد في المقام الأول. لهذا دعيني أستعير لك من جوف الزمان أول كلمة نقدية جادة قيلت عن تجربتي الشعرية في بداياتي، وبعد أول ثلاثة دواوين أصدرتُها، وهي: “نقرة إصبع” ٢٠٠١، “على بُعد سنتيمتر واحد من الأرض” ٢٠٠٢، “قطاعٌ طولي في الذاكرة” ٢٠٠٣. تلك الكلمة الرفيعة التي كتبها عمدةُ النقاد العرب: “صلاح فضل” في جريدة “الحياة اللندنية” تحت عنوان:“فاطمة ناعوت.. الشاعرة المصرية التي جاءت الشعر من الهندسة”، من ضمن ما كتب: “ شاعرةٌ شابة في الثلاثين من عمرها، تحترف الهندسة المعمارية، وتكتب الشعر بالعربية والإنكليزية، فتخترق حواجز اللغات والثقافات، كي تتواصل مع ذاتها في لحظات صدق حميم وموجع. تترجم رؤيتها إلى كلماتٍ لم يسبق لها الدخول في قاموس الشعر من قبل، تطمح إلى أن تتحقق فيه وتبطل المطمور المخزون في ذواكر الأسلاف. ترقص على الحافة الخطرة بين شعرية الائتلاف والاختلاف، وتلعب في تلك المسافة الحرجة بين حرية الإبداع وعقوبات التلقّي. فإذا كان من حقّ الشعراء أن يبتكروا من الأشكال والصور ما لم يخطر على قلب بشر، فإن إشارات الرفض لدى القراء تمثل أقسى أنواع الجزاء وأكثرها عدلاً في حساب الفن والحياة. إذا تأملنا قصائد شاعرتنا الشابة “فاطمة ناعوت” وجدنا عوامل كثيرة تميز تجربتها في الحياة والشعر، وتشفّ عن قدراتها في صناعة الأوزان والخروج عليها، وأدركنا أن خضوعها لتيار الانقطاع عن التفعيلة يخالف ما فطرت عليه من هذا الحس الموسيقي الرائق الذي يتجلى في شكل خجول في كثير من قصائدها. لكنها تحرص في مقابل ذلك على تمثيل جيلها من الشباب المثقف في خصوصية تجربتهم في أشد اللحظات توتراً وتكييفاً للمستقبل. تلعب مثلاً لعبة العروض. تشفّ قصائد “فاطمة ناعوت” – كما يشفّ اسمها الذي يجمع بين الألفة والغرابة- عن عالم فتاه مصرية، تربّت في مدارس الراهبات، وتمثلت ثقافة المزج الجميل بين الأديان واللغات في اتساق وجداني ملحوظ. ورماها الذكاء والتفوق إلى الكليات العملية التي تحتكر النوابغ مهما كانت مواهبهم، ثم غلبتها ملكاتُ الشعر وأطياف أخيلته فأخذت تسترجع صور طفولتها وصباها.”
كان هذا مقتطفًا من مقال د. “صلاح فضل” الذي أعتزُّ به كثيرًا. ولا شك أن تجربتي قد أخذت طريقَها في التطور خلال الأعوام العشرين التي تلت هذا المقال الجميل، رصدته عشراتُ المقالات النقدية الجميلة التي كُتبت عن تجربتي الشعرية. فقد مرّت تجربتي الشعرية بمراحل نضوج وتحوّل، تمامًا كما ينمو الإنسان ويتغير. في البداية، كانت قصائدي ربما تميل إلى البحث عن الذات، حين كنت أكتب بتلقائية تتسم بالسؤال والدهشة؛ كان الشعر بالنسبة لي نافذة صغيرة أطل بها على العالم لأفهمه وأكتشفه. ومع كل إصدار جديد، راحت تجربتي تكتسب أبعادًا أكثر عمقًا وتعقيدًا وراح فأسي الشعري يضربُ في حقول جديدة. في دواوين مثل “هيكل الزهر” أو “صانع الفرح” أو “اسمي ليس صعبًا” بدأتُ أبحث عن الجماليات المختبئة في التفاصيل اليومية الصغيرة، وكيف يمكن للشعر أن يكون وسيلة لترميم الروح. أما في ديوان “الأوغاد لا يسمعون الموسيقى”, فقد طرحتُ تساؤلات أكثر جسارةً، مستندة إلى خبرات حياتية ومواقف فلسفية نابعة من رؤى مكتسبة عبر السنوات. ثم جاء “شرفتي محط العصافير”, الذي أراه أشبه بنقطة التقاء بين كل ما تعلمته. في هذا الديوان، فتحت نافذة روحي على مصراعيها، محاولًة تجاوز الحواجز بيني وبين العالم. يمكنني القول إن كل ديوان كان بمثابة خطوة صغيرة نحو فهم أعمق للحياة والإنسانية. الشعر بالنسبة لي ليس فقط كلمات موزونة، بل هو حياة ممتدة على الورق.
– كيف تصفين تمثيلك لاسم مصر في مهرجان “ربيع الشعراء” بمعهد العالم العربي بباريس؟
– اختياري لتمثيل مصر في مهرجان “ربيع الشعراء” بمعهد العالم العربي في باريس عام ٢٠٠٤، كان مصدر فرح كبير لي؛ لأنه جاء في بدايات مشواري الأدبي. وكانت تلك المشاركة مسؤولية كبيرة أُلقيت على عاتقي أن أمثّل اسم مصرالهائل في محفل دولي، أنا الفتاة الصغيرة التي للتو غادرت لوحة الرسم الهندسي الآمن، ثم حلّقت بجناحيها في حقل الشعر الشاسع غير المحدود. وعلى الجانب الآخر لم تكن تلك المشاركة مجرد حدث أدبي عابر، بل كانت جسرًا للتواصل الثقافي والأدبي مع شاعرات من أرجاء الوطن العربي من المحيط للخليج. وتكرر هذا الشعور حين شاركت في معرض أدنبرة للكتاب عام ٢٠٠٧، وقد سبق هذه المشاركة أسبوعٌ كامل من الإقامة في إحدى قصور قرية نائية في إسكتلندا اسمها (كارير) مع عشرة من شاعرات وشعراء العالم الأوروربي، فيما يشبه الاعتكاف الشعري، حيث نقرأ أشعار بعضنا البعض، ونهضمها. ثم يقوم كل شاعر بترجمة جميع القصائد إلى لغته الأم. فترجمتُ للعربية (عبر الإنجليزية) قصائد يابانية وروسية وإيطالية وتركية وإيرلندية وفرنسية وألمانية وصينية وجورجية. تلك التجربة كانت من تنظيم مؤسسة “الأدب عبر الحدود” LAF أو Literatur across Fornties. لهذا عتبر دائمًا أن الشعر قادر على إذابة الحدود السياسية والجغرافية بين البشر، ليصبح لغة إنسانية مشتركة.
في مهرجان ربيع الشعراء في باريس، كانت هناك أصوات شعرية من جميع أرجاء العالم العربي. وكنتُ حريصة على أن أعبّر عن روح مصر بكل تنوعها وغناها، سواء من خلال قصائدي التي تمزج بين الحميمي والإنساني، أو من خلال الحوارات التي دارت مع شعراء ونقاد عالميين. شعرت أنني أحمل على عاتقي أمانة الكلمة المصرية، الكلمة التي تعبر عن تاريخ طويل من الإبداع الفني والفكري.
– من بين كتبك النقدية والثقافية، “الكتابة بالطباشير” و”الرسم بالطباشير”، ما الذي يميز هذين الكتابين؟
– “الكتابة بالطباشير” عام ٢٠٠٣، ثم “الكتابة بالطباشير الملوّن” عام ٢٠١٩ كتابان عن الفنون الستّة، وتأملات قلمية تستعرض العلاقة بين العمارة والأدب والفنون البصرية والفنون السمعية كذلك. هذان الكتابان كانا محاولة لرصد الجماليات المتداخلة بين حقول مختلفة من الإبداع الإنساني. العمارة بالنسبة لي ليست مجرد سنوات دراسة في كلية الهندسة جامعة عين شمس، وليست وحسب تصميمات هدنسية مادية وفنية على الورق ثم بالحجارة، بل هي سردية مترامية الأطراف تحكي حكايات البشر وحواديت الشعوب، تمامًا كما تفعل القصيدة أو اللوحة أو القطعة الموسيقية. تناول الكتابان المدارس الفنية المختلفة، منذ الكلاسيكية وحتى الحداثة. وركزتُ على مدرسة “ما بعد الحداثة في العمارة والشعر”، محاولةً تأمل الروابط الخفية والعميقة في آن، بين العمارة (مجال دراستي) وبين الشعر والنحت والتشكيل والمسرح والموسيقى، تحت مظلة ما-بعد-الحداثة Post-Modernism. في الكتابين قمتُ بفحص الروابط بين الفنون الستة كما أقرّها الأغريق، ذات الإيقاع البصري والإيقاع السمعي. ثم كيف أثّرت مدرسة الحداثة، وما-بعد-الحداثة على جميع تلك الفنون. وتشرفتُ بأن كتب مقدمة “الكتابة بالطباشير” المفكر الكبير الراحل “محمود أمين العالم، وأما مقدمة “الكتبة بالطباشير الملون” فكانت بقلم المفكر الكبير د. “مراد وهبة.”
أما كتاب “الرسم بالطباشير” فهو كتاب “صور قلمية” عن شخصيات أثّرت في حياتي وأثرت وجداني وتفكيري وحياتي. وأما كتابي “المغنّي والحكّاء” فهو كتاب نقدي في الشعر والسرد القصصي والروائي. “المُغني” هو الشاعر، و”الحكّاء” هو الروائي أو القاص. من خلال كتبي النقدية والفكرية دائمًا ما أحاول فتح نافذة على التأمل الثقافي والاجتماعي والأدبي والفني، محليًّا وعالميًّا. ومن خلال كتابي الأحدث “محاكمة القمح” الصادر مع معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام ٢٠٢٥، عن “مكتبة مدبولي للنشر”، حاولتُ رسم صورة ذهنية للقلم باعتبار الكتابة فعل مقاومة وأداة للإصلاح وسلام لمحاربة العنصرية والتطرف والإرهاب.
– “عمر من الشرنقة إلى الطيران” و”بيت من المكعبات في مدينة الملائكة”، هما عنوانا كتابين لك عن تجربتك مع نجلك المتوحد. كيف كانت تجربتك في الكتابة عن طيف التوحد؟
– كتابة هذين الكتابين كانت تجربة حياتية ونفسية وعلمية عميقة ومعقدة وصعبة للغاية، قامت بها أمٌّ أوقفت حياتها على مساعدة طفلها منذ اكتشفت وقوعه في فخ طيف التوحد وهو في الثالثة من عمره. حين تكتب عن التوحد، فأنت لا تسرد مجرد قصص أو تجارب، بل تنسج خيوطًا من الفهم الإنساني ومحاولة شاقة للتواصل مع تلك الكائنات الملائكية التي تعزفُ عن التواصل مع البشر. “عمر من الشرنقة إلى الطيران” كان بمثابة رحلة شخصية وعامة معًا. لقد أردتُ من خلال هذا الكتاب أن أشارك القراء تجربتي الحقيقية مع ابني “عمر”، منذ بدأتُ في تكسير الصخور وتفكيك خيوط الشرنقة الحريرية التي نسجها طفلي حول نفسه لكي يهرب من هذا العالم المخيف. كتابٌ يحكي بعض التحديات والمرارات التي عشتُها بكامل روحي وجسدي، وكذلك عن النجاحات والمعجزات التي منّ اللهُ بها عليّ مع ابني الجميل “عمر”. هو كتاب عن الأمل التي يعيشه الأطفال على طيف التوحد وعائلاتهم.
أما كتاب “بيت من المكعبات في مدينة الملائكة”, فقد كان استكمالاً لهذه التجربة الشاقة والشيقة في آن، لكن من منظور أكثر رمزية وشمولية وتقدمًا. حاولت فيه أن أُبرز كيف يمكن للحب والصبر أن يفتحا أبوابًا مغلقة، وكيف يمكن للأطفال المختلفين عنّا أن يصبحوا أبطالًا حقيقيين في حكاياهم الخاصة.
– “حوار مع صديقي المتطرف”، ما الذي دفعك إلى كتابة هذا الكتاب الإشكالي؟
– “حوار مع صديقي المتطرف” كان محاولة لفتح باب النقاش حول أكثر القضايا حساسية وعُسرًا في عالمنا المعاصر: التطرف- العنصرية- الإقصاء- الاستقواء الديني. أردت من خلال هذا الكتاب توضيح أن التطرف ليس مجرد ظاهرة اجتماعية أو دينية، بل هو حالة ذهنية مرضية قد تتسلل إلى أي شخص فيتحول من البراءة إلى الريبة، ومن الطيبة إلى الشر، ومن الإنسانية إلى معاداة الإنسانية. الكتاب يأخذ شكل حوار بيني وبين شخصية رمزية تمثل الفكر المتطرف، بهدف تفكيك الخطاب المتشدد وطرح بدائل أكثر إنسانية وتسامحًا. وكتبتُ هذا الكتاب في الفترة التي احتلّ فيها الإخوانُ مصرَ ٢٠١٢-٢٠١٣ وحال التطرف التي تعيشها مصرُ منذ السبعينيات من القرن الماضي واشتعال أوجها في التسعينيات الماضية، ثم استقواء جماعة الإخوان بالسلطة عام ٢٠٠٥ حين حصدوا ٨٨ مقعدا في البرلمان المصري، ثم استيلائهم على الحكم في ٢٠١٢، حتى ثار عليهم الشعبُ المصري الذكي وأسقطناهم، ثم ما تلى ذلك من جرائم الإرهاب التي حاولوا من خلالها تدمير مصر بعد سقوطهم لولا يقظة جيشنا المصري العظيم وبسالته وجهازنا الأمني المحترم. ما دفعني إلى كتابة هذا الكتاب هو إيماني بأن الحوار هو السبيل الوحيد لفهم الآخر. التطرف لا يولد من فراغ، بل هو نتيجة عوامل معقدة. لذا، أردت أن أفتح نافذة للنقاش العقلاني بعيدًا عن الأحكام المسبقة. الإرهاب يبدأ في الرأس قبل أن ينتقل إلى فتيل القنبلة وزناد المسدس.
– كيف تصفين حضور المرأة المصرية في حياتها الأسرية والمجتمعية؟ وهل القوانين الحالية توفر لها الحماية الكافية؟
– عليّ أن أشير إلى المكتسبات التي حققتها المرأةُ في ظل القيادة السياسية الراهنة التي تُقدِّر مكانة المرأة الرفيعة في المجتمع، وتؤمن بقدراتها الفائقة إذا ما وُضعت في معترك المسؤولية. لهذا حصدتِ المرأةُ المصريةُ اليومَ مكاناتٍ مستحقة ومناصبَ سيادية رفيعة، فصارت رئيسَ محكمة، ومحافظًا، وحملت حقائبَ وزارية سيادية فاعلة، وغيرها من استحقاقات غابت عنها في عهود سابقة. لكن، ولأن الطمعَ في الجمال مشروعٌ، فإن المأمولَ في ملف المرأة مازال حاشدًا بالتطلعات والتحديات من جانب المرأة المصرية للوصول إلى المُبتغى الطيب الذي تستحقه، والذي استحقّته منذ آلاف السنين حين كانت تقفُ جنبًا إلى جنب جوار الجدّ المصري القديم حتى شيّدا معًا أرقى وأعرق حضارات الأرض، وقدّما للعالم “مصرَ”: دُرّةَ تاج العالم، التي كتبت السطرَ الأول في كتاب التاريخ.
لا يستطيعُ أحدٌ أن يُنكر ما تبذله الدولةُ المصرية في عهد “الرئيس السيسي” من جهود جادّة وصادقة في ملف “تمكين المرأة” ونيل حقوقها، وتعزيز دورها في القضايا الوطنية؛ شريكًا فاعلا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وكذلك تقدير مكانتها كأمٍّ ومُربّية للأجيال القادمة. لكن، ما ينقصنا لبلوغ الُمبتغى في ملف المرأة، هو أن تؤمن “المرأةُ” ذاتُها بمكانتها وقدراتها واستحقاقها أن تكون قيادية في المجتمع، مثلما هي قائدةٌ لا مثيل لها في بيتها. “فهي في بيتها: وزيرة صحة، ووزيرة مالية، ووزيرة داخلية، ووزيرة علاقات خارجية، ووزيرة ثقافة، ووزيرة تعليم، ووزيرة تموين، وغيرها من الوزارات السيادية…” في ظل القيادة السياسية الراهنة، لدينا اليوم قوانين تحمي المرأة، مثل قوانين مكافحة التحرش والعنف الأسري. ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر يكمن في تغيير الذهنية المجتمعية التي تنظر إلى المرأة أحيانًا ككائن تابع. أؤمن بأن التغيير الحقيقي يبدأ بالتعليم ونشر ثقافة المساواة، وهو دور يجب أن تتشارك فيه كل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني.
ولابد أن أشير إلى أننا بصدد إطلاق “وثيقة القاهرة لتمكين المرأة”، التي دشنها “مجلسُ الشباب المصري” عبرَ “منتدى القيادات النسائية”، ووقّعنا عليها جميعًا نحن القيادات النسائية والشخصيات العامة والمثقفات دعمًا وتثمينًا؛ تمهيدًا لإطلاقها محليًّا وعالميًّا في مقبل الأيام بإذن الله. تلك الوثيقةُ الوازنة التي تقدّم بين سطورها بانوراما إنجازات الدولة المصرية في ملف تمكين المرأة منذ عشر سنوات، والتزامها بتنفيذ التوصيات الصادرة عن الاستعراض الدوري الشامل لعام ٢٠١٩. أشادت الوثيقةُ بالإصلاحات التشريعية والقوانين التي صكّتها مصرُ لمناهضة العنف والتمييز ضد المرأة، وبزيادة تمثيل النساء في الحياة السياسية، ودور مبادرات قومية جادة مثل “حياة كريمة” الطامحة لتحسين جودة حياة النساء في المناطق الأكثر احتياجًا. كما تضمنت الوثيقة توصياتٍ بتعزيز مشاركة المرأة في صنع القرار، وإصدار قانون شامل لمكافحة تعنيف المرأة، ودعم ريادة الأعمال النسائية، وإطلاق حملات توعوية تنادي بتوقير مكانة المرأة في المجتمع. كما ركزت الوثيقة على وضع آليات تنفيذ واضحة تشمل تشكيل لجان لمتابعة التوصيات، وإعداد خطط زمنية ومؤشرات قياس أداء لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.
– ما هي إصداراتك الأخيرة في معرض القاهرة الدولي للكتاب؟ وما الكتب التي تعملين عليها الآن؟
– أصدرت مؤخرًا عن دار “مكتبة مدبولي للنشر والتوزيع” كتابين جديدين عنوانهما: “محاكمة القمح”، “صهوات الخيول”. وأتوفّر على تجهيز مجموعة قصصية وديوان شعري وكتاب نقدي ربما سيكون عنوانه “دفتر المحبة التي لا تسقط”، ربما أتمكن من إصدارها خلال ٢٠٢٥ بإذن الله
– كلمة أخيرة توجهينها للقراء؟
– أودُّ أن أعرب عن سعادتي بالإطلال عبر هذه النافذة الحوارية على القارئ العراقي المثقف الذي أكنُّ له كامل الاحترام والحب. ولا أنسى واحدًا من أجمل مشاراكتي الشعرية الدولية في مدينة البصرة العراقية الساحرة عبر مهرجان “المربد”. وأخيرًا أقول إن الأدب والفن هما أدواتنا لفهم العالم وإعادة تشكيله. نحن نعيش في زمن مليء بالصراعات، لكن الكلمة الصادقة والقصيدة الجميلة قادرتان على بناء جسور بين البشر. أقول للقراء: لا تتوقفوا عن البحث عن الجمال، حتى في أكثر الأماكن ظلمة، لأنه هو الذي يمنحنا المعنى والأمل.
[