اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو

شجرة السرد/ سرديات الشجرة

 

شجرة السرد/ سرديات الشجرة
*  بقلم – محمد خضيّر
تظهر بين سُحُب السديم الشبكيّ “نفثاتٌ” تخطيطيّة مُرسَلَة من جهة الفنّان التعبيريّ علاء بشير، ترتسم بين آونة وأخرى على صفحته الفيسبوكيّة وكأنها رواصدُ زمنيّة تلتفّ بموجاتها السديميّة/ تَردادِها الاهتزازيّ الكتيم/ نبوءاتها الصامتة.
تلك التخطيطات الآتية من جهة السديم الإلكترونيّ، تُعبِّر في وقت واحد عن لحظات زمنيّة/ وقائع رسمويّة لا زمن حقيقيّاً لها. فهي رسائل العقل الحالم، القادمة من لا مكان/ من نقطة بعيدة في عالم الما بعد.
تواصِلُ الرُّسومُ والتخطيطات تراسُلَها مع قارئ لحظيّ/ راصدٍ مقابل، يجلس وحيداً ليكتب نصَّه السرديّ، بلا عون من عناصر الوقت والزمان، يبحث مثل رسيلهِ عن لحظة التخليق الخارقة لحُجُب السديم العقليّة وأحلامها المدمّرة.
في الأزمان كلّها، تظهر مثل هذه الاهتزازاتُ المتقابلة، التّلغرافات الوهميّة، بين خلائق نبذَها البشر وراء جدران العزلة والمرض والحرب والطغيان. ولقد أفرز الوقتُ العراقيّ، الشاطحُ مثل طبق الشيطان، فنّانَنا علاء بشير ونفاه إلى أبعد التخوم الرسمويّة/ إلى منطقة السديم غير المعيّنة على خارطة المصائر المتقابلة في محنتها القدَرية/ وجودِها البشريّ الهشّ/ الأجوف/ الرَّجراج.
العيونُ المفتوحة على الزمن السائل/ الغيمةُ الإلكترونيّة المشتبكة بخطوط السديم/ الأجسادُ الهيوليّة الهاربة من عذابها/ جحيمِها المرسوم بحلقات متداخلة/ الأيدي الملوِّحة، الغاطسة في مستنقع الكابوس القياميّ/ الأجزاءُ المضغوطة تحت ثقل الصلصال المفخور في أتونٍ مُشتجِر، لا تهدأ نيرانه: كلُّها تندفع، غيمةً بعد غيمة، عبر حلقات السديم، مقذوفةً وراء عالمنا المترجرج كطبق في سيرك الشيطان.
آخر ما استقبله عالمُنا/ موقعُنا المقابل لسديم الفنّان بشير، تخطيطٌ بقلم الحبر لشجرة السَّرد narrative tree الملتفّ جذعُها حول فوّهات لا يفترُ صريخُها. تُرسِل الشجرة سردياتها/ صرخاتها الكتيمة، تحت ضغط شبكة السديم الخطوطيّة، فيتسلّمها مرصدُ ساردٍ غير معلوم/ مُفترَضٍ على خارطة السيرك الشيطانيّ/ عالمنا المسرود بتفاصيل هيوليّة. تتقابل الأفواه في سرد حكايةٍ عن هذا العالم المقذوف خلف ستار الزمن المحسوب بأبد الدُّهور، أصغر الوحدات النانويّة التي يصعب رصدها بأُذن أو عين او عقل بشريّ.
تنتصب شجرةُ علاء بشير السّرديّة على بوّابة عالمٍ غير مرصود؛ إنّها شجرة الكلام المُرّ/ سرديّة الوقت اللامتناهي في خفائه تحت وميض الحلقات السديميّة المتداخلة منذ أقدم العصور/ أعمق الخطوط والألوان والتشكيل الصُوريّ. هل من ساردٍ يضاهي الرسّامَ المقابل، يحتوي صفيرَ الأفواه الفاغرة/ اهتزازها السديميّ الكتيم؟
لعلها مهمّةٌ تراسليّة غير قابلة للتجسيد اللغوي والتشكيل البَصَريّ/ إرسالٌ ملتقَط في أقصى درجات الشعور المقذوف وراء أسوار الزمن السرديّ/ زمنِ السُّرادِ
المنتظرين بريقَ النهايات المستحيلة! . 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق