اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو

” زعل قطتي ” للقاص والشاعر عماد نافع

 

قصة قصيرة

زعل قطتي ……..ز عل قطتي

 

قصة / عماد نافع – بغداد 

لم اتمالك نفسي وانا اسمع صيحات قطط صغيرة جدا قرب نافذة غرفتي في ذلك الفجر البارد , حتى اتضح لي ان هرا كبيرا هجم على صغار القطط حديثة الولادة لألتهامها ,ولكن الأم وقفت لهن سدا منيعا لحمايتهن من ذلك الهر الاسود المتوحش و الذي غادرته الرحمة بالرغم من وضعها الصحي المتعب جدا اثر الولادة , فبان عليها الضعف الشديد , قبل ان انقذها بالوقت القاتل , وابعد شبح الخطر عنها وصغارها .
شكرتني ..نعم شكرتني بحركة من رأسها وعينيها الذابلتين , ذكرني هذا المشهد بالعديد من السفاحين في بلدي   حين يهجمون على عوائل ليس لهم حامي سوى الله , ولكن لايرف لهم جفن , ولاترق قلوبهم قط , اذ يلتهمون الصغار من الاناث ولايستثنون الذكور ,بيد انهم ينتزعوا كل شيء جميل منهم قبل تقطيعهم ورميهم في الاماكن المهجورة ! .
ولاادري لماذا تشترك فصيلة القطط مع سائر البشر بصفة قتل ابناء جلدتها ,ويحل لها التهام صغارها , انها والله من أسوء الصفات التي عرفتها.
المهم اني لم ابخل قط برعاية القطة مع صغارها , حتى تنضج جلودها وتستطيع الوقوف , والحصول على لقمة عيشها وسط ذلك المجتمع القاس , وبعد مرور اكثر من شهر , كبرت القطط الصغيرة وصار لها ان تلعب و تقفز بقوة من اعلى الجدار الى الارض مرحا وسعادة , ولكن الصدمة ان جميع القطط تركنا المكان الى الفضاء الارحب , في الفرع او ” الدربونة ” , ليتعرفن على باقي القطط في المنطقة , ويقمن علاقات مع بعض الاخيار من سكنة هذا الفرع , الا قطة واحدة , بيضاء , نقية , رفضت الخروج , واصرت البقاء قربي , وهي تنظر لي بعينين دامعتين  , وكأنها تقول :
لا اريد ان اغادر ملاذك الأمن , لأني أخشى من كل شيء في هذا العالم المرعب , الذي لايعيش فيه سوى من يحمل قلب اسد وفكر ثعلب , ومخالب ضبع, وانا لأملك كل ذلك .
عرفت لغة عيونها ..
واجبتها : الا تستوحشين البقاء وحدك في مجال صغير لايتعدى الاربعة أمتار ؟
قالت : لا  أبدا …مادمت انا اغفو بالقرب من نافذتك , واسمع انفاسك التي تمنحي الهدوء والطمانينة ..واسمع صوتك وانت تنادي اولادك ..اشعر انا واحدة منهم .
قلت : علينا ان نتعرف على المجتمع بكل مافيه من ايجابيات وسلبيات ,نستفيد من الاولى ونحذر من الثانية , وانت لم تجربي بعد .
قالت : ولماذا اجرب , وانا جربتك انت , وانت تهجم على الهر الاسود الوحش الذي اراد التهامنا جميعا .وأنقذتنا من الموت …حتى سمعت أمي تدعو لك بالخير والرزق . في تلك اللحظة تعلق قلبي بك , وصرت انتظر اللحظات التي تفتح بها باب الترك , لتطعمنا , وتوفر لنا الأمان , صدقني لااجد امانا اكثر من أمانك . فلماذا تريدني أن اجرب ؟
قلت : لاتستطيعين الابتعاد عن ابناء جنسك , والاختلاط بهم , فأنا وانت , جنسان مختلفان ,قد لاأستطيع توفير ماتحتاجينه , نعم قد نشترك بالروح .. والانسانية , وارتباطنا بالسماء .
قالت : مادمنا نرتبط انا وانت بالسماء , فهذا يكفيني .. ولاأبالي ابدا بكل ابناء جنسي , القاس والاناني جدا .حتى أمي ماعادة تسال عني كما تفعل انت .
خجلت والله من كلامها , وشعرت انا امام مسؤولية ليست بسيطة , فعلي ان اعوضها عن جميع عائلتها , وان لااغفل عنها .. واتركها للتهديدات الأمنية وشبح الجوع و العطش ….وكبرت قطتي وتجاوز عمرها الـ ثلاثة اشهر وبضعة ايام .اصبح معها وأمسي ..نتبادل الحوارات ..تمنحني القوة والدفع المعنوي مادمت قريبا من السماء …ولكن قبل يومين , وبسبب ظروف العمل وظروفي الصحية …تخاذلت عنها ولم اجلب لها الطعام الذي تحب. ولم اصبح عليها …وفي اليوم الثاني تفاجأت بعدم وجودها , شعرت حينها بالخجل منها , واصبت بالدوار والحزن والقلق ..سمعتها صوتي كثيرا , وحاولت مرات ومرات , قبل ان تظهر لي من خلف الجدار , وهي تنظر لي بعتب شديد , اعتذرت لها كثيرا , واقسمت لها , بان لااتركها قط مهما كانت الظروف , وحملت لها الاكل الذي تحب والماء النقي . لكنها لم تأكل ولم تشرب الماء قط رغم جوعها . أدركت حينها ان بعض الحيوانات اسمى وانقى من عشرات بل مئات البشر الذين لايفكرون ابعد من بطونهم وغرائزهم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق