اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو

دنيا المنصوري : تزاوج الالوان بالهم الانساني

 


– بقلم / د سامي عباس مهدي

ليس ألمهم آن تعيش حياتك ولكن المهم ان تكتشف دقائقها ، بهذا المفهوم نستطيع ان نستكنه الفرح ، وهذا ما عبرت عنه لوحات الفنانة دنيا المنصوري بالرغم من سوداوية الالوان التي حرصت ان تعطيها الغموق لتتصفى في عيون المتلقين وتحلق اذهانهم الى اكتشاف ممرات السعادة والفرح ، لقد ادهشتني – حقا – قدرة لوحات دنيا المنصوري في تجديد عنصر الاحالة واكتشاف المعنى عبر ( تسونامي ) يجرف كل مايعلق في الذهن من تصورات مسبقة ليشيد على انقاضها عالما اكثر بهجة يمكن ان يحياه الانسان ،

 

وبالرغم من انني المح بعض التأثير الطفيف باعمال والدها الفنان المعروف غالب المنصوري لا سيما في التدرج اللوني وتوزيع الكتلة الا انني اشهد بان اعمال دنيا قد خطت لها طريقا مستقلا تماما واكتسبت عنفوانا يمكن ملاحظته في قسم كبير من لوحاتها وكأنها أشادت لنفسها بماء يكتسب عمقه من حال اللاوعي المتجذر في مفارقتها لعالمها المعاش ، وهذا بحد ذاته يمنحها ميزة مختلفة عن اعمال التشكيليين الآخرين ، وربما كانت فيها قصدية متعمدة ، فهل استجاب اللون لرغبتها ؟ اغلب الظن انه حلم هلامي تشكل بالقوة في الذهن ثم تحول الى اللوحة رغبة من الفنانة في تجسيده بالفعل وهذا ماجعله مدهشا لدى المتلقي بمعنى انه تسلق الى مرحلة الابداع ، وبذلك تعتبر لوحات دنيا المنصوري بمثابة عملية امتصاص للقلق والهم الانساني على وفق مايعتمل في عقل الانسان من احباطات في الحياة اليومية . ومن هنا يمكن القول انها صور متفاوتة الهدف لتحقيق ماترغب به الفنانة في اللاشعور على حد تعبيرات مدرسة التحليل النفسي ، وبعبارة اكثر دقة محاولة لتحديد صوتها الخاص في مضمار الفن التشكيلي وهذا نوع من الطموح يتجلى عبر التأمل والمثابرة وتعميق التجربة الشخصية ، ويقينا انني المح ذلك عبر النماذج التي ارسلها لي والدها الفنان غالب المنصوري ورحت أدرسها بعناية شديدة ومقارنتها باعمال فنية مختلفة خصوصا مايتعلق الامر باستخدام الالوان وتوزيع الكتلة في اللوحة بالرغم من أنني فوجئت بحجم الأسى والحزن اللذين تشي بهما هذه النماذج في النظرة الاولى ولكن عند تفحصها ودراستها جيدا يكتشف المتلقي انها توحي بالتفاؤل ايضا عبر امتصاص الهم الانساني ووضعه خارج ذهن المتلقي وهذا الأمر يحسب ايجابيا لصالح الفنانة دنيا بكل تأكيد ، ويبدو لي أنها قد أدركت وفي وقت مبكر حجم تناقضات الحياة وسوداوية الرؤية اليها فحاولت ان تنتزعها من ذهن المتلقي باستخدام الوان معبرة تقترب من الواقع المعاش لتعطي مساحة واسعة لخيال المتلقي واسهامه في توجيه المعنى الى الناحية التي يريد ، وهذا مانعنيه في عملية التعويض عن طريق الإيحاء ، ويبدو لي ان دنيا المنصوري قد افلحت الى حد ما في توجيه المتلقي الى ما أرادت التعبير عنه في ( تسونامي ) الذي اخترعته لا للتعبير عن رؤية سوداوية محضة وانما في بعثرة واقع ملموس لاجتزاء مايمكن اجتزاءه عبر شبكة من المعاني غير المنظورة لدى الآخرين على حد تعبير ( اندريه مالرو ) في بحثه عن معاني الحضارات الأفريقية في مصادرها الأسطورية ، ويجب التاكيد هنا على مفهوم ( الحياة لا تعني شيئًا من حيث انها تعني كل شيء ) . افلا يعني ذلك محاولة التقرب من لوحة ( العاصفة ) التي أبدعها ( فان كوخ ) والتي اشار اليها شقيقه ( ماثيو ) في أحدى رسائله اليه ، وهذا يعني ان الهم الانساني وتعميق مبدأ ( اللاجدوى) هو واحد مهما اختلف المكان أو الزمان ، وانني اذ أشير الى ذلك فانما احاول إن أشيد بقدرة الفنانة دنيا المنصوري في تعميق رؤيتها في صناعتها لخيال متقدم يطغى على المنظور الاني ، ومن هنا تدخل لوحاتها – وفي قراءة متأنية – الى آفاق مجهولة داخل الذهن الانساني ومن الضروري جدًا أن نتعامل معها ضمن إطار فلسفي محض في محاولة للكشف عن خفايا الوجود الانساني وهذا يختلف من متلق الى اخر وحسب وعيه .
إن قراءة موضوعية نسقط عليها وعينا وفهمنا لعالم يتغير في كل لحظة تصبح اكثر جدوى في خلق عالمنا الداخلي الذي يرتبط اساسا باستقرارنا النفسي على وفق ما يعتمل داخل العمل الفني ، وهذا ما يشكل احساسا مباشرا بدقائق الحياة المعاشة والذي يعبر عنه الفن التشكيلي وهذا ما احسسته بالضبط في تأملي العميق لأعمال دنيا المنصوري .

 ” تسونامي ”  ..جديد المنصوري 

الفنانة دنيا المنصوري مدرسة رسم في دهوك ,وهي خريجة معهد فنون جميلة / فنون تشكيلية – رسم – بغداد
حاصلة على جوائز في مجال تخصصها في دهوك..تستعد لاقامة معرضها الجديد الذي يحمل عنوان ” تسونامي “
والمزمع إقامته في قاعة وزارة الثقافة/ بغداد
عدد اعمال المعرض ٤٠ لوحة أكريلك قياسات مختلفة .
والجدير بالذكر أن دنيا تنحدر من أسرة تشكيلية معروفة في بغداد ..فوالدها الفنان التشكيلي القدير ” غالب المنصوري ” المقيم في امريكا ,
وعمتها الخزافة مكية المنصوري المقيمة في لندن وشقيقتها الكبرى اريج المنصوري المقيمة في السويد , وعمتها الاخرى سعاد المنصوري خريجة سيراميك من معهد الفنون بغداد وبهذا تكون قد تشربت الفن منذ طفولتها لتورق٥ لأولادها أيضا ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق