اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو

قصة قصيرة .. ( اليوم الأخير )

قصة قصيرة …..    ( اليوم الأخير )

 

القاص – عبد الرحمن طالب القيسي 

هو لم يبالي بما آلت أليه الأمور من أحداث وأهوال عظيمة كونه أمضى معظم حياته وذروة شبابه في الحروب التي لا تنتهي في بلاده . عمر ينقضي بين أزيز السرفات المدرعة والدبابات المدججة والنوم في الملاجئ الشقية ما بين ساتر وأخر مع وابل الرصاص من أطلاقات نارية من شتى أنواع الأسلحة قذيفة الهاون التي لا تعرف أحدا. أين تقع أو صاروخ طائرة هائجة سائقها أرعن بضغطة زر يهجم عدة بيوت . تتكون عائلة سالم من ثمانية أفراد هو وزوجته أم سارة وخمس بنات وولد واحد أصغرهم انتظره بعد عناء طويل اسماه سامح كان عمره أربع سنوات . في قيض حار جدا من أيام تموز السوداء اتفق مع احد المهربين على أن يخرجه من مدينته الذي يعشقها في رحلة نزوح مريرة لم يكن حتى في خيالة أن يتعايش معها بعد أن باع كل شيء بثمن بخس شرح له كل شيء عن الرحلة وكيف يمكن أن يوصله إلى اقرب نقطة حيث يمكن للحياة أن تنصفه هكذا كان يتصور. بعد أن أتم الصفقة مشى ثلاثة أيام بلياليها مع عائلته التي لا يملك غيرها حمل من الماء ما يستطيع أن يحمله كان يتصور آن يكفيه رغم أنه لا يستطع أن يحمل أكثر مما حمل هو وبناته الخمس وزوجته أم سارة . ظهيرة الحادي عشر من شهر تموز الأرعن شهر النكبات تركة الدليل بعد أن دله على الطريق لم يكن يدرك أن الرحلة ستطول أكثر من ثلاثة أيام وهو يمشي على الإقدام في ارض رملية أصبحت أقدامهم متورمة كما التمساح والشمس ساطعة لا يبدو له أنها ستغيب .جلس على الأرض أشبه باليائس بل انه اليأس بعينه جلس مع بناته وزوجته أم سارة نفذ الماء وتلك أصعب المشاهد التي لم ير أو يسمع مثلها أبدا الكل يصرخ ماء ماء أن حشود العسكر الذي كان يقصدهم يكادون أن يسمعون صوته بل رأوه بمليء أعينهم بعد أن نفذ كل ما لديهم من ماء بل جفت حلوقهم وخرج الزبد منها أم سارة ملقية على الأرض مع بناتها و ولده سامح بين يديه يحاول أن يبل ريقه بما تبقى من لعاب في فمه لكنه لم يجد في حلقه ما يبل ريقه ركض مسرعا نحو نقطة الحراسة التي لم تبعد عنه سوى أمتار قليلة كونهم يراقبوه في الناظر الليلي ويعرفون انه غير مسلح ومسالم مع زفرات ابنه الأخيرة عرفها من خلال ارتفاع صدره الصغير للأعلى والأسفل ركض نحوهم كان يريد أن يقول لهم أنا معكم أنا وعائلتي لا أريد سوى قطرات من الماء لكن الموت لم يمهله وهو حاملا ابنه سامح بين يديه أتته رصاصة بين عينيه أردته شهيدا أو قتيلا لا اعلم لكن سامح بقى يحرك عينيه يمينا ويسارا يبحث عن ماء أو حياة في وطن أشبه بالصحراء التي قتلت أمه وأخواته وأبيه .
انتهت.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق