اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو

– قصة قصيرة – ” بدل إيجار في عمارة النائبة ” للقاص محمد الذهبي

 

  • محمد الذهبي- بغداد 

بعد ان ضاقت به السبل واصبح الوقت سيفاً على رقبته ، لايعرف كيف يتصرف به وكيف ينتصر على دقائقه المملة ، قرر ان يعود الى سابق عهده ويستأجر محلاً يقتل فيه الوقت وينتصر عليه ، وتشاء الصدف ان يلقى احد معارفه من ايام زمان ، ويهديه الى عمارة النائبة التي تدعي انها ورثتها عن ابيها الذي كان يبيع التكة في احد شوارع بغداد ، تشاءم لأنه يكره النواب فهم السبب الأول في ترك وظيفته في التدريس، ومع هذا اراد ان يصل الى نهاية الأمر ، هو ليس محلاً وانما عبارة عن جحر متهالك ، قال انه سوف يعتني به ويرتبه ، وبقي الحال امام الاتصال بمحامي النائبة لمدة عشرين يوماً ، النائبة في الاجتماع ، النائبة لديها ضيوف النائبة التي تدعي الشرف والنزاهة بدعوة عشاء ، وهكذا حتى سئم من لفظة نائبة وسئم ايضاً مجرد التفكير بالرجوع الى مهنته القديمة ، لقد تغيرت الوجوه والقلوب وهذا مجتمع ثانٍ لايعتقد انه يستطيع العيش فيه مع انه لايريد ان يزاحم احداً ولم يعد لديه ذلك الاصرار على الربح بعد ان خسر كثيراً من الأشياء ، بقي يطارد قرار النائبة كي يؤجر جحر الكلاب ذاك ، وطال الأمد عليه وخسر الكثير في الذهاب والعودة خالي الوفاض ، كان يفكر مع نفسه ثمة من لايريده ان يتواجد هنا وثمة من يتقصد ابعاده ، ثاب الى رشده وترك الأفكار المجنونة وقرر ان يتصل ثانية وثالثة ورابعة ، في كل مرة كان الصوت الثاني يثبط من عزيمته ، مهنة التدريس اتعبته وعمل في بداية تقاعده في احدى المدارس وتركها بسرعة بعد ان علم انها مملوكة لإحدى العصابات ، وبقي ينتظر سير الوقت بفارغ الصبر ، ولكنه لم يعتقد ان حظه سيلقي به في احضان عمارة النائبة التي وضعتها للبراءة من السرقات العديدة ، وبقي لأكثر من عشرين يوماً يراقب اجتماعات النائبة التي خلت من اجتماعٍ واحدٍ لمجلس النواب التي تنتمي اليه ، وتوقع ان يكون الرد مخيباً للآمال ، اعتكف في البيت كي لايدفع مزيداً من اجور المواصلات ويعرض نفسه للاختلاط في شراسة هجوم فايروس كورونا باسمائه المتعددة التي تشبه الى حد ما اسماء السياسيين والنواب وتصرفاتهم غير المتوقعة ، اتصل من جديد ليستفهم عن الأمر وصادف ان النائبة خالية من الاجتماعات ، فكان الرد صادماً ، لقد ضاعفت النائبة بدل الايجار لجميع المحال التجارية التي تمتلكها ، وقد شددت النائبة على دفع بدل الايجار ، وكان قد ترك القفل الجديد في محل النائبة الذي توقع ان يستأجره في عمارتها ، وكان ان سرقت منه القفل كما سرقت ثلاث سنوات من عمره عند التصويت على قانون التقاعد القسري الذي اقعده في البيت يحاول وبشتى الطرق محاربة الوقت .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق