اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو

بين النقد والمنجز التشكيلي.. ومسافة الالف ميل

 

بقلم – علي صحن عبد العزيز/ فضاءات نيوز 

 بات جليا بأن النقد التشكيلي لم يعادل كفة الإنجاز الكبير الذي حققه التشكيليين والتشكيليات على مسار يشيد بملامح هذا الفن الإنساني النبيل ،ونرى من تشخيص العلة بأن النقد التشكيلي يمثل مبحثا ثقافيا واكاديميا في آن واحد ، غير أن هذا الباب طرقه الكثير ممن لا يملكون أدوات النقد التشكيلي المثابر والمهني بروح بعيدة عن العلاقات الشخصية والمحسوبية ما بين الناقد والفنان التشكيلية أو التشكيلية ، إضافة إلى ذلك فإن ما ( يكتب من نقد ) لا يتفحص الثيمة الجمالية وتحليل عناصر الجمال فيها أو قراءة اللوحة على منهج ورؤية ثقافية ومهنية كما أشرنا في بداية المقال ، كما أن هنالك جملة من الخصائص الفنية والتي من الواجب توافرها في الناقد التشكيلي فيما يتعلق بقراءته للوحة التشكيلية ، ومن ابرزها إن يفهم العوامل المؤثرة والكامنة التي سعى من أجلها التشكيلي أو التشكيلية في إنجاز لوحته ، ولعل هذه المهمة ليست من السهولة إذا ما أخذنا تلك العوامل بعين الاعتبار والإنصاف ، ومن هذه المعطيات الواردة نرى الضرورة إلى تفعيل دور الناقد التشكيلي على نطاق عام سواء كانت تلك الفعالية التي تقوم بها وزارة الأثار والثقافة ، أو دائرة الفنون التشكيلية التابعة لها ، أو من خلال المعارض التشكيلية التي تقوم بها مؤسسات تشكيلية من قبل فنانين التشكيليين ، ولو حسبنا تلك الدعوات التي توجهها الوزارة أو المؤسسات التشكيلية إلى نقاد الفن التشكيلي أو المعنيين به لوجدناها على قدر أصابع اليد الواحدة ، واذا ما أشار الناقد إلى سلبيات واخطاء تلك المعارض التشكيلية فإن ساعة الزعل والخصام تقوم عليه ولا تقعد لحظة واحدة ، إننا بحاجة فعلا إلى الناقد العضوي وليس المنزوي ليكشف لنا عن دلالات الإبداع الفني للوحة التشكيلية وكذلك سلبياتها أيضا ، فما نرصده من غياب النقد التشكيلي وممارسة الناقد لدوره الثقافي والفني أضحى واجبا أكثر استقلالية على المنتوج التشكيلي ، فالنقد التشكيلي الذي نطمح إليه يجب أن يكون نقداً يكشف أسرار اللوحة فنيا ، لا أن تكون مغازلة بمفاتن صاحبة اللوحة لأننا لسنا في معرض إختيار ملكات جمال العالم أن جاز التعبير بذلك ، إن دالة النقد التشكيلي وغايته تتطلب بأن يكون النقد التشكيلي ذو معرفة فنية وأستشعار ما يبذله التشكيلي  من جهد وعناء كبيرين من أجل إنجاز لوحته بالشكل الأمثل لكي يكون عملا فنياً متكاملا ، ونحن لا نحسب أو تقدر تلك اللوحة لأنها قطعة من كيانه وشخصيته مهما كانت براعتنا في ذلك ، والمحصلة التي نسعى دائما إليها حول ماهية حقل النقد التشكيلي وشروطه المطلقة ، هو أن يكشف لنا الناقد التشكيلي التكوين اللوني ومعادلاته وتأثيره على الفنان التشكيلي  نفسه ، وكذلك كتابة قراءة نقدية عميقة ومنصفة ، ولكن دعونا نفكر ما الذي حدث للنقد التشكيلي حتى يغيب عن متابعة الكم الهائل من اللوحات التشكيلية ويمحصها تميحيصاً دقيقا ، هنالك سببين لهذه الأزمة ومنها ، غياب الناقد التشكيلي وغياب أدواته النقدية وفق مناهج النقد التشكيلي النموذجي منذ سبعينيات القرن العشرين ، حتى بات لا يستوعب الخبرة الفنية بذلك ، والسبب العلاقات الإجتماعية والمحسوبية التي فرضت نفسها على الناقد نفسه هذا جانب ، أما الجانب الآخر فهو حالة الانفعال والهجمة المقابلة التي يتعرض لها الناقد التشكيلي كما أوضحنا في مقدمة هذه المقالة ، ومن هنا فإن أهمية النقد التشكيلي أصبحت ذا أهمية كبيرة غير أنها تصطدم بمعوقات متعددة ومنها الافتقار إلى معرفة أساسيات التعامل مع اللوحة وبنائها الفلسفي والإنساني ، لا أن يتصور البعض بأن إنجاز اللوحة هو لغرض التسلية والترفيه بالنسبة إلى التشكيليين  وذلك مفهوم أعمى لا يبصر إلى حقيقة تلك اللوحات التشكيلية ، لطالما كانت تلك الأعمال التشكيلية تنقل الواقع السياسي والاجتماعي ،وأخيرا فإننا بحاجة إلى تفهم وزارة الثقافة والمؤسسات التي تقيم المعارض التشكيلية وحتى على مستوى الأشخاص ، بأن النقد جزء مهم من عملية المنتوج التشكيلي والنقد بحد ذاته . وللحديث بقية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق