اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو

عماد نافع .. قيامة الماء وصرخة اللون على نهر دجلة

 

قراءة نقدية/علي صحن عبدالعزيز
أود أن أشير بأن معرفتي مع التشكيلي عماد نافع ،تمتد إلى سنوات طويلة في عمل الصحافة حينما كان رئيس  التحرير في جريدة البينة ، ولكنه في حقيقة الأمر يميل إلى اختصاصه الاول وهو الفن التشكيلي  ، , فنافع لديه ” 13″ معرض تشكيلي عالمي داخل وخارج العراق , وفائز بجوائز عالمية ,  وكم تمنيت أن أكتب عن أعماله قراءة نقدية ،حتى جاءت الفرصة في عمله عن غرق العبارة في الموصل . أدوات عمل اللوحة لاشك أن أول أدوات التشكيلي (نافع) في هذا العمل هو تجسيد أرواح الملائكة من الأطفال باللون الأبيض ، ثم ينتقل إلى أيادي وهي تلوح لعل هنالك من ينقذها، هذه الأحاسيس الإنسانية وما تحمله من صور لم تكن لحظة عابرة ،بل كانت موقف إنسان هزته تلك اللحظة بكل تجلياتها وعناوينها ،وهكذا أستخدم اللون بكل قوته التعبيرية المتاحة ، ليترك للمتلقي تفسير لوحته والمرتبطة مع روحه بكل جزئياتها .
لقد حاول ( النافع) إن يبرئ التهمة ضد موج دجلة ،لأنها وديعة ولم تفارق عطش كبدنا ، ولكن إخفاء الجريمة وتقطيع آثار خيوطها ومعرفة من هو القاتل ذلك ما يسعى إليه صديقي عماد نافع . الارتقاء بمستوى الحدث يبقى ما حدث غرق العبارة في الموصل يحمل جانب إنساني عميق ، ولكن أشد ما به هو الطريقة التي جعلت الموت حلقة وصل ما بين الأب وهو يودع إبنته على ظهر العبارة والموت الذي ينتظره أيضا ، ولذا فإن عمل اللوحة التشكيلية ل (عماد نافع ) ترتقي بهذه الجريمة إلى مستوى الإبادة الجماعية ،كما أنها تحمل أسلوبا سوريالي في سرد الفاجعة ، وهو يربط بداية الكارثة بنهايتها لكي يبقى الحدث شاخص في ذاكرة العراقي ،والتي تفجع بكل يوم بكارثة تلو الأخرى ، لقد غاص بنا (نافع) عبر تكوين هذه اللوحة إلى الأرواح البريئة التي تتصارع مع الموت تحت جنح الماء ، هنالك ثمة براعة اعتمادها أيضا ،وهي جعل نهاية مجلس عزاء العبارة لا ينتهي في ضمير كل إنسان يمتلك ذرة إحساس . التكنيك السردي التوظيف والعمل التشكيلي الذي جاء به (عماد نافع ) يحمل ثيمات لمشهد واقعي وسط أحداث على أنقاض حياتنا اليومية ، وهو تعبير ذكي لتوظيف هذا الفن النبيل في خدمة قضايا الإنسان ، ولعل سيطرته التامة والملم على أدواته التي تنقل المتلقي إزاء هذه الفاجعة إلى صور صادقة ومشاهد مباشرة ،وهذا ما يسمى بالنقد التشكيلي (تفكيك اللوحة) لغرض التحقق من إرهاصات التشكيلي فيها ، فالغاية التي يسعى إليها عماد نافع هي كشف نسيج تلك الجريمة وبراءة ماء دجلة منها بكل حثيثاتها والتي ربما سيكشف النقاب عنها .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق