اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو

الإستماع إلى الأغاني القديمة ..حنين للاصالة او ابتعاد عن ضوضاء الايقاع السريع ؟

 

فضاءات نيوز – علي صحن عبد العزيز 

 أبرز ما يمكن أن تستمع إليه في سيارات الأجرة ،هو الإستماع إلى أغاني جيل السبعينيات والثمانينيات لدى هؤلاء السواق ،والأمر المفارق بأنهم من مواليد التسعينيات إلى نهاية القرن العشرين، فإحساس المستمع أيا كان مستواه وعمره مسألة تدخل فيها حسابات ذائقته الفنية ،…فهل يعود ذلك الى الحنين للاصالة ام انه ابتعاد عن ضوضاء الايقاع السريع ؟ .

وما نسمعه من إختيارات والبحث عن الأغاني القديمة ،هو مؤشر بأن أغلب الأغاني الحديثة لم يعد تلبي تلك الذائقة ، ولعل إكتساب تلك الأغاني حجم إصالتها وخلودها سنوات طويلة ،جاء بسبب نقلها وتجسيدها لمعاناة المجتمع وهمومه اليومية ،والأمثلة كثيرة في الغناء الريفي فالمطرب سلمان المنكوب ،إشتهر بأغنية (المنازل) وكذلك قرينه المطرب حسين سعيده أغنية (تتلاكه الوجوه) وعبادي العماري (فصليه وسامحيني ) وغيرها من أغاني جيل الرواد . ولو جردنا أي أغنية من هذه العوامل الرئيسية لتحولت إلى مجرد ألحان مبتذلة ولا تمتلك أي روح فيها ،كما هو الحال في أغلب الأغاني الموجودة الآن ،لسببين رئيسيين هما ،ان الأغنية كانت تمثل مشروع فني من حيث الثلاثية القائمة ،الصوت والكلمات واللحن ،والسبب الآخر أننا نجد متعة تجعلنا نتمسك بها على الرغم من بساطة إلحانها ،كما أن مقامات الأغنية لا تحتوي على زوائد لحنية تشتت سماع الذائقة الفنية ،مما يجعل أصوات مطربيها يتسم بعذوبة واضحة تجعل السامع يذوب بفيض من الأجواء والطقوس الخاصة .

( فضاءات نيوز )  حاورت الكثير من مبدعي الغناء العراقي وشعراءه الكبار ،فكانت هذه المشاركات التي ننقلها لكم :

 “ضياع الأغنية “

طاهر سلمان /شاعر غنائي مخضرم :

لقد تميزت أغاني السبعينات لشعراء الأغنيةبالكلام المؤدب والشريف والذي لا يخدش الحياء ، وكانت لكل اغنية قصة وحالة إنسانية،ولذلك بقى صداها إلى الآن، أما اليوم فليس هنالك شعر أبداً،هنالك كلمات تثير النوازع الجنسية عند الشباب ،ولأنه لاتوجد لجنة لفحص النصوص فقد ضاعت الأغنية ووصلت إلى هذا المنحدر الخطير ،ومن الطبيعي أن الناس أنها لاتستذوق أغاني اليوم ،لذلك فإنها ترجع تستمع للفن الجميل ،لأن إلحانها كانت من داخل روح الملحن وليس ألحان جاهزة ،وهذا مما جعلها صامدة إلى يومنا هذا .

الحان مسروقة

صباح زيارة/ ملحن غنائي  :

ولا هذا الجيل يريد مفردة حتى لو كانت شتيمة يغنيها ،لكي يشتهر ويعمل في الملاهي ،أما الألحان فهي أكثرها مسروقة من تركيا أو دول خليجية، وترتكز على إيقاع ونغم واحد وهو الكرد، لكن البعض من القلة تكون إختياراتهم موفقة ،وأكثرهم لما يكون في مكان أو حفل محترم يغني الأغاني القديمة العربية. الإيقاعات السريعة عباس المنكوب : لم تكن الأغاني الريفية تعتمد على تكديس الألحان في المقطوعة الواحدة ،بل كان اللحن مصمما على تركيبة النص الغنائي وكأنه تؤما يلازمه ،وهنا نجد جمالية اللحن للأغنية ومدى تأثيرها على إذن المتلقي ،ولذلك فإن الأغنية الحديثة مازالت تعيش حالة من عدم تماسكها في وحدة النص واللحن والأداء ،ولنتذكر قليلا أغاني الفنان داخل الحسن ،فهذا الصوت يمتلك من (البحة) ما لم يمتلكه أي مطرب آخر على الرغم من حالات تقليده المتكررة ،لأنه صوت نابع من رحم المعاناة الشعبية التي كان يعيش فيها ،ولذلك كانت أغانيه تأخذ امتدادها الزمني على أجيالنا الحاضرة ،على الرغم من تكاثر الأصوات الريفية والتي تحتاج إلى الكثير من التمرين والصقل وتنمية الإذن الموسيقية ،الان اصوات الايقاعات السريعة والموسيقى تطغى على صوت المطرب ،ولذا تفشل الأغنية لأتعرف من خلال النص والكلام، بعض المطربين بحاجة إلى غناء الألحان الطويلة لمعرفة نبرات صوته ودرجاته الموسيقية ، ولو تمكن من غناء تلك الألحان فسيظهر نشازا نتيجة لإرتفاع صوته ،ونقول بأن الغناء اذا لم يكن معبرا عن المشاعر الحقيقة فلا يعتبر فنٍ أصيل.

 

التراث الغنائي

عباس الناصري/مطرب ريفي :

 

ليس عيبا العودة إلى سماع الأغاني القديمة ،كإشارة واضحة لواقع مرفوض لبعض الأغاني العراقية الحديثة، لكن المعيب حقا هو طريقة أدائها وضياع خصوصيتها القائمة ،ولذلك فإننا نرى بأن الكثير من الأصوات الغنائية بحاجة إلى المزيد من التمرين والصقل وتنمية الإذن الموسيقية ، فهنالك هجوم صوتي وزعيق على الذائقة الفنية للمستمع ،بدليل أن بعض المطربين يستريح لحظة ثم يعاود تنشج حالته الصوتية ،والأمر المستغرب هو وجود مطربين لديهم (اللكنة) التي تضيف غرابة على أداءه للأغنية ،والمطلوب أيضا تدريب الحبال الصوتية على مختلف المقامات الموسيقية العربية والعراقية .

 

مخاطبة الوجدان

سعد الرماحي /باحث وناقد :

من خلال رصدنا للكثير من الآراء المؤيدة لسماع الأغاني القديمة ،فلقد وجدنا أغاني لعمالقة الغناء العراقي تنبض من جديد ،وهنالك جملة أسباب منها ،أن كلمات الأغاني كانت على مستوى عالي من الذوق الرفيع بمخاطبة وجدان الإنسان وعواطفه ،بالإضافة إلى وجود ملحنين كبار لهم بصمتهم الواضحة في تلك الأغاني ،أما اليوم فإننا نسمع أغاني ركيكة في كل شئ من الكلمات البذيئة واللحن الهجين والصوت المتورم ،مما لا يساعد في لفظ مخارج الحروف بشكل أفضل. لنا كلمة حينما تناولنا هذا الموضوع وأخذنا نماذجا مبدعة من تاريخ الغناء العراقي ،فهذا لا يعني أننا قد إغفلنا حقوق وعطاء بقية المطربين والمطربات ،ولكن سوف يكون لنا انطلاقة جديدة مع نجومه من الشعراء والملحنين والمطربين لكي تسلط الضوء على واقع الأغنية العراقية وما تعانيه من مشاكل فنية متعددة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق