عمود

الكهرباء.. استراتيجية احادية ام استراتيجية متكاملة ؟

 

بقلم – د عادل عبد المهدي 

تفرض ازمة الكهرباء نفسها مع حلول شهر رمضان وارتفاع درجات الحرارة.. فرغم الاموال والجهود، ورغم التقدم النسبي تبقى المعاناة، سببها السياسات الاحادية، فنبني هنا لندمر هناك. فالانتاج مرتبط بالاستهلاك والتوزيع والتجاوزات، والقطاع العام بالقطاع الخاص والمواطنين، والنشاطات والوزارات والدوائر ببعضها.. وللفائدة، انشر مقتطفات من مقالين الاول “الكهرباء.. استراتيجيات مدروسة.. وليس كلام تخذيري” ( 8/6/2011)، والثاني “خصخصة الكهرباء، مفهوم صحيح ام خاطىء” (19/7/2017):
1- [“بحلول شهر رمضان المبارك.. وحرارة فاقت الـ50 درجة.. ورغم انفاق حوالي 70 مليار دولار وطنياً منذ التغيير (وزارة المالية). لكن الناس في معاناة هائلة..
الازمة هي فقدان الاستراتيجية الصائبة، وخضوع السياسات المتبعة تاريخياً لفرضية واحدة هي وفرة ورخص النفط ومشتقاته. لكن ازدياد الطلب، وتخلف مصافينا القديمة التي تخسر عن سعر الاستيراد 29 دولاراً لكل برميل تكرره… بينما يزداد اعتمادنا واستثمارنا على المحطات البخارية والغازية، المستهلكة ايضاً.. لتتراجع معدلات التوليد الكهرومائية من 32% من الانتاج لحوالي 8% (300-500 ميغاواط).. فالازمة متصاعدة بابشع صورها.. والبلاد مكشوفة ولوقت قد يطول.
قبل حرب الكويت، كان عرض الكهرباء يلبي الطلب.. فاتسعت الفجوة بعدها لتصل 1200 ميغاواط، (ثلث الانتاج في 2003).. وتتسع الفجوة اليوم بوصول الطلب 14000 ميغاواط (ضعف الانتاج؟).. مع توقع وزارة الكهرباء طلباً بحدود 22000 ميغاواط في 2016.. فخضوع تفكير المسؤولين، والراي العام، للرؤى القديمة ولردود فعل اللحظة، من شأنه تدمير اي افق لاصلاح هذا القطاع الحساس. فالتفكير غير الاستراتيجي والمحدود والذي محوره الدعاية والانتخابات والمصالح الضيقة يمنعنا من التقدم جدياُ نحو تشجيع الاستثمار الخاص والعام.. وبناء المصافي الكفوءة وبالحجوم المطلوبة.. والتفكير بالطاقة النووية.. والشمسية وغيرها.. واستثمار الغاز، فالرميلة تحرق 2000ميغاواط.. وعدم الجدية لاستثمار الطاقة الكهرومائية، لتوفير الكهرباء والمياه، كتهديد يواجهنا ايضاً. فالنجاح هو تلاحم عدة قطاعات تتقدم وتتراجع سوية.. كالاواني المستطرقة..”]
2- [“بدأت الوزارة بتجربة توزيع وجباية الكهرباء.. مستخدمين تعبير الخصخصة، وهذا خطأ في تداول المفهوم.. فالخصخصة انتقال الاصول او ملكيتها من القطاع العام الى الخاص. وعكسها التأميم. وسياسة الكهرباء لم تتضمن انتقال اصول مملوكة للدولة للقطاع الخاص. بل التعاقد مع شركات لاعادة مد شبكة الكهرباء، ووضع العدادات والجباية وفق تسعيرة محددة… علماً ان ما تنتجه المحطات الحكومية والمولدات الخاصة والاهلية 22000 ميكاواط.. وهذا يكفي لتغطية جزء مهم من الاستهلاك الحالي، خصوصاً اذا ما ضبط التوزيع وتوقف النهب والهدر..
في 18/4/2017 يقول المتحدث الرسمي للوزارة: “بدلاً من دفع المواطن 250 الفاً للمولدات في الذروة فانه يسدد 30% من المبلغ مقابل كهرباء مستمرة” واضاف “بحال تشغيل جهازي تكييف في البيت بسعة 2 طن فضلاً عن الاجهزة الكهربائية الاخرى، فما سيترتب هو 55000 دينار للجباية”.. فالتسعيرة ستتراوح 10000-55000 دينار شهرياً لتوفير كهرباء 24 ساعة، حسب الاستهلاك المطلوب.. وهذا اقل مما يدفع للمولدات الاهلية، (حسب رأي المسؤول الذي يحمل نبرة التأليب على القطاع الخاص).. رغم ان هذا القطاع استطاع بامكانياته ووسائله الخاصة البسيطة توفير خدمات في وقت عجزت فيه الدولة عن توفيره.. لذلك كان بالامكان احتوائهم في عملية التوزيع، بل حتى الانتاج، بهدف انماء شريحة المستثمرين الصغار -البرجوازية الصغيرة- التي لها دور مهم تلعبه في الاقتصاد..”]
تم تخفيض التسعيرة، وحققنا بعض التقدم، لكن الازمة تستمر، بسبب الخطط الاحادية. فلابد من ربط كافة الحلقات، سواء في انتاج وتوزيع واستهلاك الكهرباء، او ارتباط القطاع ببقية القطاعات وبالجهد الوطني.. أ) لنستثمر ونرشد كافة طاقات الانتاج.. ب) وايصاله للمناطق والشرائح المحتاجة ولمختلف القطاعات والمصالح.. ج) وان لا يكون السعي للسيطرة على التوزيع والاستهلاك عبر شركات الجباية، على حساب المواطنين والقطاع الخاص والمولدات الاهلية وانتاجها ومصالحها، بل بالسعي لدعمها وتطويرها.. وإلا سنربح شيئاً ونخسر اشياء. فالتكامل وفق المعايير كفيل بتحقيق مصالح مختلف الاطراف، وباسعار وشروط عادلة ومقبولة، وبدون استغلال للانسان والبيئة والنظام العام.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق