اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو

قصيدة * تَجَلّيات في حضرةِ المُتَنَبّي * للشاعر سعد جاسم

 

 تَجَلّيات في حضرةِ المُتَنَبّي 

 

شعر – سعد جاسم
أوقفتُ المتنبي
في ” البابِ الشرقيِّ *”
وقلتُ له ُ:
– هَلْ رأيتَ الظلاميينَ
ينتحلونَ وجوهَ ملائكةٍ
ويفخخونَ البلادَ
بكيمياءِ الموتِ
والفتنةِ الفادحة ؟
وهَلْ رأيتَ البرابرةَ
يقضمونَ الوردَ
ويَمزّونَ بأكبادِ العصافيرِ
ويدوسونَ على أجنحةِ الأطفال  …….
وقلوبِ الامهاتِ
وفراشاتِ الندى ؟
وهَلْ رأَيتَ المُتظاهرينْ
وصبايا وفتيانَ تشرينْ
وهُمْ يتساقطونْ
كعصفٍ مجنونْ
برصاصِ الوحوشِ الحي
وكواتمِ وسكاكينِ المُلَثّمينْ
والقَتَلةِ المأجورينْ
والغُرباءِ المُستوردينْ ؟
وهَلْ رأيتَ الحَمامَ
الحُبَّ
الانوثةَ
العشبَ
والأغاني
تُقبرُ في مدافنِ الأوبئة ؟
وهَلْ رأيتَ كيفَ قلبُ البلدْ
وقدْ تناهبتهُ الهَمَراتُ
والمفخخاتُ
المآربُ …. المكائدُ
وعواصفُ الأبدْ ؟
فقالَ لي :
( أرقٌ على أرقٍ
ومثليَ يأرقُ
وجوىً يزيدُ
وعبرةٌ تترقرقُ ) **
فتأوّهتُ – حدَّ اللوعة ِ –
وقلتُ لهُ :
كفاكَ الشعرُ إذَنْ
شرَّ السافلِ
والجاهلِ
والعاطل
وكفاكَ سُمَّ الوصولي
والكحولي
والذيولي
والغامضِ والقاتل
فقالَ لي :
بوركتَ ياسليلي وسَنَدي وحبيبي
ثُمَّ صاحَ هادراً كعاصفةٍ
أربكتِ الجنديَّ الواقفَ
في ( نصبِ الحريةٍ) ***
ضاقَ ذرعاً بأنْ أضيقَ بهِ)
ذرعاً زماني وأسْتَكرمتْني الكرامُ
واقفاً تحتَ أَخْمصَيْ قَدْرِ نفسي
واقفاً تحتَ أَخمَصيَّ الأنامُ )
وحينَ شكوتُ إليهِ الذينَ
أقاسمُهم خزامى رغيفي
وأَسْقيهمْ ينابيعَ روحي
وأغْمرُهم بدفءِ بيتي
وأَسْترُ عُرْيَهمْ وعارَهم
ولكنّهم يَعضّونَ قلبي
ويسرقونَ مباهجي
وضوءَ عيوني
فتنفَّسَ مقهوراً … ويَعْني
لكأنكَ …. انّي :
” أفيْ كلِّ يومٍ تحتَ ضَبْني شويعرٌ
ضعيفٌ يقاويني قصيرٌ يُطاولُ
لساني بنطقيَ صامتٌ عنهُ عادلُ
وقلبي بصمتي ضاحكٌ منهُ هازلُ “
ثم تَبَسّمَ رائقاً
وأشارَ لحصانٍ يعصفُ جذلاناً
في ( نصبِ الحرّيةِ )
وقالَ لي : كنْ نافراً مثلهُ
ومثلَ (جوادِ سليمْ)
وتذكّرْنا حينَ تضيقُ عليكَ
وحينَ تُبتلى بمناكيدِ
ورعاعِ الأرضِ
وعيّاريها الحمقى
ونفحَ بروحي الظمآى
عبيرَ القولِ
ضوءَ الحكمةِ
سرَّ الرؤيةِ
وبهاءَ الشبابْ
وقالَ لي :
( أعزُّ مكانٍ في الدُنا سَرْجُ سابحٍ
وخيرُ جليسٍ في الزمانِ كتابُ )
ثمَّ إِحْتَضَنني وباسَ جبيني
عاضداً ساعديَّ ومضيئاً طريقي
وقالَ لي : اسْتَوْدعكَ الصبرَ
المِسْكَ … السرَّ
ياحبيبي وسليلي وصديقي
ثمَّ فارقتُهُ هامساً :
ألقاكَ هناااااااكَ…
حيثُ الفراديسُ تنتظرُنا
لا المتشاعرونَ الصغارُ
ولا “الحواسمْ”
ولا الغنائمْ
ولا العمائمْ
ولا الأَفاعي
ولا الذئابُ
بيننا ياصاحبي
وجعٌ واحدٌ
وحُلُمٌ واحدٌ
ووطنٌ واحدٌ
وقَدَرٌ واحدٌ
وقصيدةٌ وكتـــــــابُ
__________________________________________________________________________________________

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق