اخر الاخبارثقافة وفنون

الشاعر الكوردي  لطيف هلمت :  تبت يدا الشاعر الذي يخلق العداوة بين القلوب والشعوب

 

حاوره – لفضاءات نيوز –  علي صحن عبدالعزيز
في الحوارات الثقافية مع شعراء جيل الرواد ،فإننا نجد لغة عذبة الروح ومتعددة الرؤى، وملامح ثقافة نوافذها قصيدة مملؤة بالمنعطفات التأريخية والإنسانية ،وأحسب أن الحوار مع الشاعر لطيف هلمت ،هو إستخلاصا لعينة مثمرة لتذوق الشعر الكردي ومدى صموده لمواصلة الحياة ، ولقد إستدعينا شواخص لنماذج في الشعر العراقي والعربي معه ،فكانت إجوبته رافدا ثقافيا يرتوي منه لدراسة الشعر الكردي منذ ستينيات القرن الماضي ولحد الآن ، شاعر تدخل قصائده القلب دون أي إستئذان ،بما يمتلكه من خصوبة ونماء في التعبير .” فضاءات نيوز ” كانت لها هذا الحوار مع الشاعر الكوردي لطيف هاملت : .

* تقول في إحدى قصائدك : بعض المسؤولين ،ما هم إلا لوحات سوريالية حين يضحكون ويقهقهون تتدفق من أفواههم الدماء ،كيف مزجت ما بين التشكيل والشعر ضمن هذا المعنى ؟

ــ لقد تررعت في أحضان عائلة دينية،وتعلمت من أبي ودراويشه أن أكره المسؤولين ورجال السلطة دائما،وأنا أول من حول الكلمة الكردية إلى نيران متدفقة ضد الطغيان البعثي بعد إخفاق الثورة التحررية الكردية في إتفاقية الجزائر السوداء بين النظام العراقي البائد ونظام الشاه الايراني المقبور العام 1975 ،وبما إنني لم أنتمي أبدا لأي حزب كنت إهيج مشاعر جميع الأطراف وأكسب ودهم بقصائدي الثورية ،وحين تسلطت الثوار بعد إنتفاضة آذار 1991 علی رقاب من صنعوا الإنتفاضة وضحوا بالدماء والأموال من أجلها ، شحذت كلماتي من جديد ضد الفئة الباغية، ولازلت أدافع عن المظلومين، وكما يقول جيفارا أينما وجد الظلم فهو موطني ،ومن هذا المنطلق ،ومنطلقي الصوفي الذي لا يميز بين الأبيض والأسود دافعت بكلماتي وقصائدي عن الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ،أما بشأن المزج بين التشكیل والشعر ،فهو شئ بديهي لأن للأثنين لغة واحدة والفرق الوحيد بينهما ،هو أن الشعر يخلق رسومه وصوره بالحروف والكلمات ،والتشكيل يخلق حروفه و كلماته بالالوان والاصباغ والخطوط وبهذه المناسبة أقول أن لنزارالقباني مجموعة شعرية تحت عنوانــ( الرسم بالكلمات) .

* ما بين مجموعة دووانيك (تحولات الغيوم ،شيخوخة كليوباترا،ديواني منذ الآن) أين نجدك الآن ؟

– قبل هذين المجموعتين الشعريتين والتي تبلغ صفحاتهما (1000) صفحة أو أكثر طبعت مجموعة شعرية صغيرة تقع في حوالي( 70) صفحة بعنوان ـــ المدن الحديدية ـــ وبعد هاتين المجموعتين المذكورتين طبعت مجموعتين تقعان في حوالي 400 إحداهما بعنوان-قصائد ضد الشعر ـــ والثانية آيات القرن الحادي والعشرين الضائعة ، وهنالك نقدية ودراسية منها كتابــ من الدادائية إلى السريالية ـــ وكتابين حول التصوف احدهما بعنوان ــ التصوف الاسلامي والمؤثرات اللاإسلامية في التصوف الاسلامي ، اثبتت فيها خلو الأدب والشعر الكردي من التصوف ،وأن ما يسمی بالتصوف في الشعر الكردي، إنما هي إلا نبضات دينية وملامح زهدية لا تمتان إلی التصوف بأية صلة ،وقد وقع كثير من الباحثين العرب أيضا إلی متاهات الاخطاء من هذه الناحية فأختلطوا في كثير من دراساتهم بين الزهد والتصوف والنبرات الدينية،وكتابي الثاني حول التصوف طبعتها بعنوان ــ تاريخ التصوف والتصوف في التاريخ ــ وقد بحثت فيه عن بدايات التصوف في العالم بصورة عامة والعالم الاسلامي بصورة خاصة ، وإلى جانب تلك الدواوين والكتب النقدية، لي حوالي(17 )کتابا للأطفال ،بعضها شعرية والآخر قصصية ،وكتابين أحدهما بعنوان ـــ كيف وماذا نكتب للاطفال ، والآخر بعنوان ــ إتجاهات الكتابة للاطفال ،ولي لحد الآن حوالي 63 كتابا مطبوعا باللغتين الكردية والعربية، واخيرا طبعت أعمالي الشعرية الكاملة واللا كامل في طهران ، بطبعة راقية جدا في أربعة أجزاء من قبل مطبوعات ــ مانك ــ القمر ، وهنالك رواية لي بعنوان ــ نساء شيخ محمود الجنيات ــ وهي رواية واقعية سحرية ترجمت مرتين إلى اللغة الفارسي من قبل الشاعرة الكردية ــ سارا قوبادي ــ للمرة الأولى الاولی ومن قبل ــ فرياد شيري ــ للمرة الثانية ، وقد نفذت نسخهما من المكتبات كما بلغني الشاعر فرياد شيري،وكتبت جريدة ــ يسنا ــ الفارسية الايرانية بحثا خاصا عن روايتي تلك ،ومن الجدير بالذكر ترجمت الكاتب والسينمائي الايراني مخترءشكري بور مجموعة كبيرة من قصائدي وترجمها بعنوان(مقبرة الورود) الورود ــ والعنوان مأخوذ من إحدی قصائدي، وترجمه أيضا الكاتب الإيراني كريم مجاور ،مجموعة كبيرة من قصائدي في كتابين في طهران .

* على ماذا إرتكز الناقد فاضل ثامر ،حينما قال عنك (تخلق قصيدة عالمية ) ؟

– إشكر الاستاذ الثامر علی رأيه هذا حول قصائدي وإعتز به ، في رأي المتواضع ربما إرتكز علی تراثه النقدي والمقاييس العالمية المتوارثة في مجال تصنيف الشعر وأي نص أدبي آخر ، وعلی آرآئه الشخصية من خلال تجاربه الكثيرة وتعامله المستمر مع مئات أو ربما الآف القصائد والدواوين الشعرية لمختلف شعراء العالم ، إنه قال كلمته بحق وصدق تأمين ،وأرى من المناسب أن أذكر بأن صديقي الشاعر صباح رنجدر أحد أساتذة الجامعة في السويد حينما أطلع علی إحدی قصائدي المترجمة إلی السويدية تلی القصيدة علی بعض طلابها قائلا: إن شعبا يمتلك مثل هذه القصائد لا يموت أبدا ، والقصيدة تتحدث عن رائحة غيوم الوطن في زمن كنت بعيدا عنه ، وربما لدى الناقد فاضل الثامر أجوبة أخرى لهذا السؤال .

* ما أحب النساء إليك ،وأين نجدها في قصائدك؟

– إبتليت بعشق الإنثی منذ أيام مراهقتي وحقيبتي الشعرية مثقلة بإسماء اللواتي إحببتهن وإحبنني وباسماء اللواتي إحببت وما إحبوني، بل هشموا قلبي وأطلقوا بقاياها في رياح العالم لتغني مع العصافير والحمائم ،أغاني الحب الأبدي ،إلا تسمع تلك الأغاني حين تهب رياح الجبال ؟ رغم أن قصيدتي الإولی كانت قصيدة ثورية كتبتها العام 1963 عام الإرهاب والمذابح ضد الشعب الكردي والحزب الشيوعي العراقي،إرثي فيها مجموعة من الشهداء الكرد الذين سحلهم بالسيارات إفراد ماكان يسمی بالحرس القومي، لا أنكر وأفتخر بأن لعيون الإنثی دور بارز في نمو وتطوير قصائد الحب في تراثي الشعري، وأنا مدين لكل حلوة إحبتني وهيجتني بأن أكتب قصيدة جميلة، فالدنيا مقبرة صامتة بدون العشق ،ولا شيء يبقی إلا العشق وكل مانملكه زائل وباطل سوی الحب.

* حدثنا عن ديوانك الشعري والذي تم إحراقه؟

– كنت حداثويا بالفطرة وبدات بتطوير تلك الفطرة الحداثوية عن طريق متابعة الأدب الحديث ،حيث قرات جبران خليل جبران والسياب والبياتي وبلندالحيدري وادونيس وماغوت و انسي الحاج ويوسف الخال وحسين مردان وشوقي ابي شقراوبودلير ورامبو وبريفير وبوشكين واليوت وعزرا باون وباسترناك والفلسفة الوجودية وأعمال روادها سارتر وكامو وادب اللامعقول وأعمال روادهاكولن ولسن وكافكا وقرأت كافة الأعمال الشعرية لنزار القباني ومحمود درويش وسميح القاسم ومعظم الشعر الفلسطيني في كتاب ضخم جدا بعنوان ــ ديوان الأرض المحتلة ــ لا أذكر إسم مؤلفه ،وقرات ادجار الن بو وفوكنر وهمنجواي و كثير من الروايات والدواوين الشعرية الروسية ،وقرات نماذج من الشعر الفيتنامي والصيني والهندي وإطلعت علی البيان الشعري الذي نشره فاضل العزاو وخالد علي مصطفی وسامي مهدي وفوزي كريم في العدد الاول من مجلة شعر 69 وتابعت قراءة معضم اعداد مجلة الكلمة التي كانت يصدرها حميد المطبعي في النجف الاشرف ،وإلى جانب ذلك قرات الشعر الكلاسيكي العربي والكردي والشعر الجاهلي العربي وأبي نؤاس وابن عربي في بداية شبابي ،وفي ضوء هذه القراءات كرهت كل قديم واعجبت بكل جديد ،وتملكني نوع من التمرد ،وكنت حين أرسل أية قصيدة إلی أي جریدة كردية آكتب في بدايتها ــ لا اشكركم علی نشرها ، وحينما كنت ازور مكتب الجريدة ،وكنت آنذاك شابا مشاكسا وفوضويا ،يقولون ها هو الشاعر المار ضد التيار ،وأخيرا عليا باللغة الكردية لقب – دجه باو ــ [ دژەباو ] ومعناه ضد التيار السائد ،وحين طبعت مجموعتي الشعرية الأولى ــ الله ومدينتنا الصغيرة كانت مجموعة لاتمت أكثر قصائدها بالشعر الكردي السائد في ذلك الوقت بأي صلة ،وكانت أكثرها قصائد نثرية تعتمد على الخيال والانزياح اللغوي والأساطير والتلاعب بالكلمات، فقامت القيامة الشعرية حيث مُنعت من الإشتراك في أكثر المهرجانات الشعرية، ورجمت قصائدي الشعریة بكلمات نابية مدججة بالحقد والكراهية ،وكلما صادفني بعضهم يقول لي لقد إشتريت ديوانك الشعري واشعبته نارا، وقال لي أحد الرجعيين القابعين في أعماق العصر الحجري ــ إشتريت مجموعتك الشعرية وإشبعته كذا ،وكنت لا أبالي لما يقولون ويفعلون ضدي وضد قصائدي بل كنت عزوما مكافحا، وبعد عدة سنوات لما إلتفتت رأيت حشدا عرمرما من الشعراء يقتفون آثار خطاي ،إذن نجحت الثورة التي قمت بها، وأصبحت قصيدة النثر نصا شعريا مقدسا يعترف به الكثير من الشعراء والنقاد ،وكتب عن ريادة مجموعتي الشعرية المذكورة نقاد بارزون، منهم الدكتور كمال ميراودلی ومحمد كوردو، وعشرات آخرين ذكروها في بحوثهم الجامعية علی مستوی الماجستير والدكتوراه، ولن إنسی صديقي العزيز الشاعر الكردي ــ عبدالله عباس ــ حيث نشر لي قبل طبع المجموعة الشعرية الآنفة الذكر جميع نصوصها في برنامجه الشعري المسمی ــ مساء الخير .
* هنالك رأي مدون ،بأن قصائد الستينيات لم تنجز كتابتها باللغة الفصحى ،ماهو تعليقك على المقولة ؟

– في جميع لغات العالم ثمة كتابات باللهجات المحلية والفصحی ،وهذه المسألة بحاجة إلی تمعن أكثر فأنا لا إری أي فرق جوهري بين لغة الشعر الجاهلي ولغة القرآن الكريم فكلاهما مكتوبتان بلغة عربية فصحی، وربما الفرق الوحيد بين اللغتين ،هو إن القاموس القرآني أكثر ثراء من قاموس الشعر الجاهلي ،ولم يكتب الشعر العربي منذ العصر الجاهلي حتی العصر العباسي بأية لهجة محلية ،فكل أجزاء كتاب ـــ الأغاني لابي فرج الاصفهاني ــ وكل أجزاء العقد الفريد ومقامات الحريري ومقامات الهمداني وكتاب ــ كليلة ودمنة ــ وأجزاء حكايات الف ليلة وليلة مكتوبة باللغة العربية الفصحی ،ولم يكتب باللهجات المحلية إلا بعض الحكايات والسيرة الشعبية إلى عنترة وابي زيد الهلالي وسيف بن ذي يزن والمراثي الحسينية ،أعتقد أن كتابة القصائد باللهجات المحلية برزت مع مد وبروز الفكر الماركسي والحركات الشيوعية في العالم العربي، وذلك توافقا مع شعار الأحزاب الشيوعية العالمية الذي ينادي الأدب للشعب كما الخبز للشعب ، ولكني لا أوافق علی هذا الشعار ،بل أقول الأدب لمن يحب الأدب والخبز لمن هو جائع ،والشعر لمن يعشق الشعر والخبز لمن يشتاق إلی الخبز ،على كل حال هنالك في كل العالم العربي شعراء يكتبون باللهجات المحلية العربية ،وهنالك من الكتاب في بعض المحاورات يكتبون باللهجات المحلية، وعلی وجه الخصوص الروائي السوداني المعروف الطيب صالح ، فإنه وظف اللهجة المحلية في معظم رواياته وقصته ،وهنالك حركة للكتابة باللغات المحلية في لبنان ومصر وبعض أقطار المغرب العربي وأن لم تخنني الذاكرة كان سعيد عقل ،من رواد من نادوا بالكتابة باللهجات المحلية ، وربما كان الكاتب المصري سلامة موسی، رائدا لمن نادوا بالكتابة بلغة سهلة حتى يفهمها الشعب بكافة طبقاته، وكتب أحمد فؤاد نجم معظم قصائده باللغة المحلية المصرية، وكما أعتقد إن بدر شاكر السياب هو أول من وظف في بعض قصائده عدة كلمات محلية مثل كلمة ــ خطية ـــ وكذلك أستعمل الشاعر البوهيمي الماركسي الوجودي الفوضوي حسين مردان، بعض الكلمات المحلية مثل كلمة – بلم ـــ وهنالك شعراء عيراقيين معروفين كتبوا باللهجة المحلية العراقية ،وفي مقدمتهم الشاعر الشهير مظفر النواب ، وكانت قصيدته الشهيرة ــ ريل وحمد ــ في سبعينيات القرن الماضي أشهر من نار علی علم ، أما بالنسبة للشعر الكردي ،فأقدم النصوص الشعرية الكردية كتبها الشاعر الكردي بابا طاهر الهمداني ،باللهجة اللرية المحلية ،وكتب الشاعر الكردي الكبير ــ أحمد الخاني ــ ملحمته الشهيرة ــ مم وزين ــ بلغة محلية كردية ،وكتب الشاعر الزاهد عبدالرحيم المولوي قصائده باللهجة الهورامية،وأول من كتب الشعر باللغة الكردية الفصحى هو الشاعر الكردي الكبير ــ نالي ـــ وذلك في عهد الإمارة البابانية الكردية ، وهنالك لحد الآن شعراء وكتاب وروائيون كرد يكتبون نتاجاتهم الفكرية باللهجات الكردية السائدة في مناطقهم ، ونحن نناضل من أجل أن يكتب الجميع باللغة الكردية الفصحى رغم أنف السياسة والمصالح الفردية .

* ماطبيعة علاقتك مع النقد الأدبي؟

– ليس للنقد الأدبي موازين خاصة كميزان الصائغ ،فميزانه متحرك ويتغير من ناقد لآخر ، فهنالك إختلافات بين هذا الناقد وذاك تجاه أي نص شعري أو شاعر أو كاتب ، وتختلف الآراء النقدية الأدبية من زمن إلی آخر ، ولكن ميزان الصائغ ثابت لايتغير في أي زمان ومكان، فثمة نقاد يفضلون أبا نؤاس علی المتنبي وهنالك من يعتبره أكبر عمالقة الشعر الكلاسيكي العربي ،ورأي آخر من النقاد يعتبرون قصيدة ــ الكوليرا ــ لنازك الملائكة ،أول قصيدة عربية حرة، وعكس ذلك يقول بعض الناقدين بأن قصيدة ـ هل كان حبا ـ لبدر شاكرالسياب ،هي إولی القصائد الحرة ، وهنالك من يمنحون الريادة في هذا المجال لــ لويس عوض أو أمين الريحاني أو غيرهم من الشعراء ،وكما هنالك قصائد مفعمة بالإبداع ،وقصائد فارغة من المقاييس الإبداعية، فثمة دراسات نقدية تقتفي آثار الإبداع ،وتعثر عليها في خفايا القصائد وزواياها المتعددة ،وثمة نقد فارغ من المقاييس النقدية يموت مع ولادته فورا، وأنا شخصيا كتبت باللغتين الكردية والعربية بعض المواضيع النقدية عن الأدب الكردي ، إحداهما بعنوان ــ الشعر والخنافس وتنانير المينيجوب ــ أما الآخر بعنوان ــ الكلمات التي تزيح الظلام ــ يضم كلا منهما إلی جانب المقالات والخواطر الأدبية بعض الدراسات النقدية ،وأقول أخيرا أن النص الرائع يكتشفه النقد الرائع ،والناقد حكم دولي في ساحة خالقي الإبداع يسجل نقاط الابداع للمبدعين ونقاط الضعف للآخرين كما يسجل حكم الكرة نقاط الفوز والخسارة لفريقين متبارزين.

* قلة حضور المنتديات الأدبية والشعرية للمتلقي،جاء بسبب لغة الشاعر الشعبية ،ماهو السبيل للنهوض بها؟ – دئما كانت السياسة أو السلطات الحاكمة عدوا لدود للإبداع والمبدعين ،فمن الكفر لدی العقل السياسي إن يطغى إسم أي شاعر أو أديب أو فنان علی أسماء معاصريه السياسيين ،ولذلك كلما برز إسم شاعر تحاول السلطات شرائه بأي ثمن كان أو إسكاته نوعا ما ،او تهميشه بشكل من الأشكال، فقلة حضور عشاق الكلمة في النتديات والمهرجانات الشعرية هي أزمة خلقتها الأجواء السياسية، وأتذكر حينما كنت ألقي قصائدي في سبعينيات القرن الماضي في جمعية الثقافة الكردية ببغداد أو في إتحاد الأدباء الكرد في السليمانية أو كركوك و أربيل، كان عشاق الشعر يتزاحمون ويهزون جدران القاعات بتصفيقهم، وأتذكر بأن مندوب جريدة العراق الذي كان حاضرا في الأمسية الشعرية التي أقامها الاتحاد الادباء الكرد في السليمانية ،كتب في عموده الصحفي بأن أكثر من ألفي مستمع كان حاضرا في الأمسية، أما اليوم فلا يحضر في مثل هذه الندوات أكثر من خمسين أو بقليل ،لأن السياسة دمرت البنيان الفني لدى أغلب الناس ، فسابقا كان المثقف يتراصف ليحصل علی مكان في القاعة ليستمع إلی الشعر ،أما الآن فأكثر المثقفين كردا و عربا وغيرهم يحلمون بالحصول علی كرسي في البرلمان ،لأن الكراسي البرلمانية والوزارية تمطر بحارا من الذهب والدولار الأمريكي ، ومع ذلك لا تزال المنتديات والإمسيات الشعرية لها عشاقها الخاص ولازال للشعر جمهوره المتميز أيضا ،ليس هنالك أي خطر علی مستقبل الشعر في كردستان ، ولا أطلق قولا جذافا أن قلت ثمة ألوف أو عشرات الألوف من الشباب الكرد يتحمسون للشعر ،ويقدرون الإبداعات الشعرية والفنية وهذا يبشر بمستقبل وضاء للشعر الكردي المعاصر .

* ماهي أصل تسمية الشعر (ديوان العرب ) ؟

– بما أن العرب تمتلك کنزا زاخرا من الشعر منذ أيام الجاهلية ولحد الآن ،لذ أطلق علی الشعر إسم ديوان العرب ، فللعرب حصة الأسد في مجال الشعر ، ففي العصر الجاهلي برز شعراء كثيرون من أمثال امرئ القيس الكندي وطرفة بن عبد البكري و زهير بن ابي سلمی المزن ولبيد بن ربيعة العامري وعمرو بن كلثوم التغلبي و وعنترة بن شداد العبسي والحارث بن حلزة اليشكري ،وهنالك شعراء مخضرمون في مقدمتهم الشاعر الشهير امية بن السلط وغيرهم ، وفي العصر الاسلامي برز حسان بن ثابت، وكعب بن مالك الأنصاري ،وكعب بن زهير صاحب قصيدة بانت سعاد الشهيرة التي نجتهه من الموت لتجاوزه علی شخصية الرسول الكريم في أحد قصائده قبل إسلامه وقبل فتح المكة فعفی عنه النبي واهدی له ( صلى الله عليه وسلم ) وبردته حين سماعه القصيدة في يوم فتح المكة فسميت القصيدة البردة ،وعبدالله بن رواحة الأنصاري وغيرهم، وعلى الرغم من خلو العصر الأموي الدموي من الشعراء الفطاحل، لم تخلو الساحة الشعرية من بعض الشعراء الكبار ، وكان الجلادان الفاسقان الملعونان يزيد بن معاوية ووليد بن اليزيد شاعرين لهما قصائد خمرية جيدة ،أما في العصر العباسي فقد كثر الشعراء المرتزقة علی أبواب السلاطين والأمراء ، وهناك شعراء عظام مدحوا السلاطين والطغاة بدراهم معدودات ،لكن هذا العصر أيضا شهد ولادة شعراء عمالقة من امثال ابي نؤاس وابي الطيب المتنبي، وبشار بن برد ،وغيرهم ،وهكذا كان للعرب في كل عصر جيش من الشعراء ولذلك اطلق الشعر إسم ديوان العرب . * أما ترى بأن توجهك نحو كتابة إحدى دووانيك الشعرية إلكترونيا ،يفقد جزء من متعة القراءة لدى القارئ؟ – لقد تحول أكثر ما نملكه في هذا العصر إلی أدوات إلكترونية ،وتحول بعض الناس إلی اناس الكترونيين فطريا تحركم الأحزاب وأشباه السلاطين، لا يتخيلون شيئا إلا باذن من الحزب الفلاني ولا يطردون ذبابة علی وجوههم إلا برخصة من الحزب ولا يؤدون حوائجهم الشخصية ولا يدخلون الی المرافق الصحية إلا بإذن الحزب، وهنالك كتاب وشعراء بعدد النمل على أبواب الأحزاب والأمراء لا يكتبون يكتبون حرفا الا باجازة من الحزب ،ولا يسطرون كلمة إلا باذن من العشيرة ولا يكتبون شيئا إلا ما يروق للجلادين ، تبت يدا الشاعر الذي يخلق العداوة بين القلوب والشعوب ، وتبت يدا الشاعر الذي لا يدافع عن حقوق المستضعفين ، وتبت يدا الشاعر الذي يعمي التعصب القومي عيونه تجاه حرية الآخرين ،كل اؤلئك ما هم إلا كائنات الكترونية وديواني الموسوم بــ ــ كائنات جمهورية لطيف هلمت الالكترونية ـــ هو إستهزاء بكل تلك المخلوقات الممسوخة، ومن الجدير بالذكر لي ديوان أصدرته قبل هذا الديوان بعنوان ـــ ذئاب لطيف هلمت ـــ أتحدث فيه عن الشعراء والوزراء وأعضاء البرلمانات وحجاج بيت الله والأساتذة والملالي والأطباء وغيرهم من الذين حولتهم الجشع وحب السلطة والطمع إلی ذئاب يأكلون الناس ويرتشفون آبار النفط ويأكلون إطنانا من الحديد وهنالك إطنانا من أرزاق الجوعی علنا وفي وضح النهار وقصائدي الإلكترونية نالت حظا ممتازا لدی القارئ الكردي، وسبق أن ترجمه الكاتب والأستاذ الإيراني كريم مجاور إلی اللغة الفارسية ،ونال إعجاب قراء الفرس كما أخبرني المترجم عبر الهاتف ،ولذا فما دامت ثمة بيوت وحدائق وحمامات وسيارات وأسلحة وطيارات وأقلام وأجهزة، وغيوم وأمطار الكترونية لابد إن تكون لنا قصائد الكترونية أيضا ،فالعصر سائر نحو ــ الكترنة ــ كل ما حولنا من الموجودات ،أليس الروبوت بداية واضحة لإلكترنة الحياة والانسان؟.

* إين تكمن أسباب الأزمة القائمة الآن،ما بين المتلقي والشاعر ،وما هو إنطباعك عن الحركة الشعرية بعد عام 2003؟

– الأزمة القائمة بين الشاعر والمتلقي أزمة سياسية قبل كل شئ ، لأن السياسية تركت آثار تدميرها الشبه الكاملة علی الثقافة العراقية والكردستانية، وهذا التخريب ترك آثاره علی كل المرافئ والمراكز الثقافية الثقافية ،ورغم ذلك إری الشعر العراقي والكردستاني الحديث أكثر إزدهارا وروعة من شعر المغرب العربي ودول الخليج، وأكثر الدول الإسلامية وبعض الدول الأوروبية ايضا ،ولا اقول هذا القول جذافا بل أقوله نتيجة تلاوتي الشعرية الكثيرة،ورغم تدني المستوی الشعري بعد عام 2003 لاتزال هنالك أصوات شعرية بارزة في العراق وكردستان ،تزرع البشری في القلوب الهائمة بشذى الشعر ، واننخي متفائل في هذه القضية القضية ،مادامت شارع المتنبي وقاعات كردستان الأدبية مكتضتين بالشعراء وعشاق الشعر والقصائد.

* نبذة عن مسيرتك وحياتك؟

– ولدت وترعرعت في عائلة دينية مثقفة، كان أبي أحد مشايخ الطريقة القادرية الواسعة الإنتشار في كل انحاء العالم ، وهو الذي زرع في قلبي حب الكلمة الجميلة،وكان شاعرا يجيد اللغة الكردية والعربية والفارسيةوكان هائما بقصائد حافظ الشيرازي وسعدي الشيرازي وفريدالدين العطار وجلال الدين الرومي وبايزيد البسطامي، حيث كان يترجم بعض قصائدهم دوما لمريديه وانا جالس بينهم أستمتع بنكهة قصائدهم المترجمة، ورويدا رويدا قمت بقراءة بعض الكتب الشعبية الكردية في مكتبة ابي ككتاب ملحمة ــ فتحي قه لاي خه يبه ر ــ وهي ملحمة تتحدث عن بطولات الامام علي بن ابي طالب (ع) وفتحه قلعة خيبر بعد أن عجز كل الآخرون عن فتحه، وكتاب شيرين وفرهاد وليلی ومجنون ويوسف وزليخا ،ثم كتاب قصص الأنبياء وبعض أجزاء الف ليلة وليلة وليلة وكليلة ودمنة ،وبعد ذلك إكتشفت عالم الشعر الكردي والعربي والاوروبي عن طريق اللغة العربية ،وعند بداية عام 196 بدأت بکتابة الشعر ،وبعد سنوات قليلة بدأت انشر قصائدي عبر برامج الاذاعة الكردية في بغداد والصحف الكردية ،كمجلة رزكاري الصادرة الصادرة في السليمانية ،ونشرت مجموعتي الشعرية الأولى عام 1970 في مطبعة الشمال في كركوك ،وحائز في مجال الشعر حتی الآن على مجموعة من الجوائز الأوسمة الذهبية منها ،وسام إبراهيم أحمد الذهبي وجائزة بابا كوركور الذهبية ودرع حزب الشيوعي الكردستاني الذهبي ،رغم عدم إنتمائي له طوال حياتي ولحد الآن، و شكر وتقدير وزارة الثقافة ووزارة التربية في إقليم كردستان، ووزارة الثقافة في العراق الفدرالي وجائزة آبيك من إحدى دور النشر الكردية السويدية، وأخيرا كرمت من قبل إتحاد الأدباء العراق ،بالاشتراك مع وزارة الثقافة في العراق وسط إحتفال ثقافي جماهيري دام يومين في بغداد ،وثمة حوالي عشرة رسائل ماجستير ودكتوراه حول قصائدي من جامعة بغداد وجامعات إقليم كردستان ،وترجمت نماذج من قصائدي إلی اللغات الفرنسية والهولندية والإنكليزية والسويدية والألمانية والعربية والفارسية ،ولازلت أكتب ومنهمك بإعداد مجموعة شعرية جديدة للطبع ، وإلی جانب ذلك إغمر دوما قلمي بالحبر لإتمام روايتي الجديدة ،وكتابا آخر حول التصوف الإسلامي إن شاء الله جل جلاله .

* إلا تعتقد بأن القصيدة الكردية ،لم تنل حظها بالإعلام بشكل عام؟

– ربما القصيدة الكردية لم تنل حظها بشكل خاص، ولكن مع ذلك فمنذ أواسط السبعينيات إهتمت أقلام عراقية عربية بالشعر الكردي المعاصر بشكل عام ولنا حصة الأسد في ذلك الإهتمام، حيث كتب عني الناقد العراقي الكبير حاتم الصگر عدة دراسات هامة ، أشاد فيها إلی النواحي الإبداعية في قصائدي ، وكتب عني في الآونة الأخيرة الناقد الكبير الاستاذ فاضل الثامر دراسة هامة أفتخر بها دوما، وكتب عني أيضا يوسف الحيدري،وعبد الزهره الركابي وحسن النواب وزاهر الجيزاني، ومجلة المزمار ،وعلي عبد الحسين مخيف ،وحسب الله يحيى وجريدة الفكر الجديد الجديد وكتب عني الاستاذ الناقد علي حسن الفواز دراسة عميقة في كتابه النقدي ـــ عواء الطبيعة ـــ بعنوان ــ لطيف هلمت … محاولة في كتابة بياض الطبيعة ـــ اعتز بها مادمت حيا ،والكاتب الفلسطيني المعروف الأستاذ يوسف يوسف ، كتب حول قصائدي مجموعة من الدراسات المختلفة ، ومن حقي أن أعتز بها بين اقراني الشعراء، وكتب عني آخرون غيرهم ،وثمة إهتمام إيراني جاد بالشعر الكردي، حيث قام بعضهم بترجمةالكثير من القصائد الكردية إلی اللغة الفارسية، ولا زلت أحتفظ برسالة شبه طويلة للشاعر والناقد الإيراني الكبير سيد علي الصالحي كتبها لي باللغة الفارسية في أواسط التسعينيات سلط الضوء فيها علی أربعة شعراء كورد انا واحد من ضمنهم ، ويصنفهم في قائمة الشعراء العالميين ،وسبق إن نشرت نص الرسالة وبخط كاتبها في مجلة ــ شیعرستان ـــ الكردية التي كانت تصدر في السليمانية ، وهنالك كتاب آخرون من إيران كتبوا عني وإشادوا في كتاباتهم بالجوانب المتميزة في قصائدي ،ولكن هذا لايكفي، فالشعر الكردي بحاجة إلی مزيد من الإهتمام في مجال الترجمة لينال مكانته المتميزة في أطلس الشعر العالمي،ومن المؤسف جدا إن المؤسسات الثقافيةالكردستانية تقف مكتوفة الأيدي، ولا توجد حتی الآن دار للترجمة في كردستان ،وأن وجدت مستقبلا مثل هذه الدار اني علی شبه يقين ستقوم بترجمة أضعف القصائد وارخصها ،وذلك لأسباب سياسية خاطئة ،ولا إستثني السياسة العراقية بصورة عامة من مثل هذه الأخطاء . * إحدى المعلومات التي وصلتنا ،بأن لديك علاقة مع السياب ،ماهي نوعية تلك العلاقة ؟ ــ حين أنقذ الموت السياب من ويلات الحياة وأصدقائه الحساد ،كنت في الثالثة أو الرابعة عشر من عمري ،أكتب قصائد وطنية ورومانسية ولا أعرف عن السياب إلا قصيدته الشهيرة (انشودة المطر) وبعد عدة سنوات اقتنيت ديوانه الشهير المسمى تحت اسم هذه القصيدة ،فإعجت بها أيما إعجاب، وبعد ذلك بمدة قصيرة إقتنيت كتابه ــ من الشعر العالمي الحديث ــ وعن طريق ذلك الكتاب قرات ــ لوركا و ت س اليوت و ازرا باوند ونيرودا ورامبو و رلكة و جاك بريفيه واديث ستويل وستيفن سبندر وناظم حكمت وطاغور ،قبل أن إتجاوز السادسة عشر من العمر ،وقد حفزني كتاب السياب المذكور أعلاه علی حب الشعر العالمي الحديث، وبدأت بشراء بعض إعداد مجلة ــ شعر ــ و الآداب العاملون في النفط ،وكانت هذه المجلات تهتم بالحداثة فأصبحت أحد هواة الحداثة ، فأشتريت دواوين البياتي وبلند الحيدري وادونيس ومحمدالماغوط ومحمود الدرويش وسميح القاسم وتوفيق زياد وسالم جبران ومعین بسسيو وأمل دنقل ،وتعرفت علی الدادائيين والسرياليين في عمر مبكر ،وأصبحت فوضويا كرديا إقلد فوضی السرياليين والدادائيين وباكونین الروسي ،وأشعل اكثر من مرة فانوسا في وضح النهار بحثا عن الإنسان مقلدا بذلك ديوجينوی الاثيني ،هكذا أرشدني قراءتي لديوان انشودة المطر للسياب إلی إكتشاف عوالم مجهولة وخلق عوالم إخری ، وحفزتني ثقافتي الجديدة إلی تشكیل جماعة شعرية ثلاثية مع صديقي الاعزين انور الشاكلي واحمد الشاكلي في ـ مدرسة ثانوية كفري ،وقد كرسنا كل طاقتنا لتفجير ثورة ثقافية علی كل الإتجاهات واضنني نجحنا نجاحا باهرا ، هذه هي صداقتي مع أيوب عصره بدرشاكر السياب،الذي كما اعتقد كاد له المائد أخلص أصدقائه قبل أعدائه ،كل المدن مدني ــ كفري .. كركوك ــ بغداد-سليمانية،أربيل رايات ـــ حاجي هومران ـــ جومان ـــ وكل المدن منافي ،لا يرتاح فيها الشاعر مادام هنالك طفل جائع في مكان ما من العالم،وما دام ثمة من يرتقي علی قمم المشانق من أجل الحرية ،فاللشعراءمدنهم الوهمية أو مدنهم اللامرئية لا عسف فيها ولا عصبية قبلية أو مذهبية قبلية أو مذهبية ،أنا أحب كل المدن وفي نفس الوقت أكره كل المدن واود ان اهشم كلها ككرة زجاجية واخلق من رذاذاتها عالما شاعريا جديدا وهذا حلم ربما يتحقق .

* بإختصار ماذا تقول عن ،شفيق الكمالي وعبد الرزاق عبد الرزاق عبد الواحد ولميعة عباس عمارة ؟

ــ قرأت لعبدالرزاق عبدالواحد،مجموعتين شعريتين إحداهما بعنوان أوراق علی رصيف الذاكرة العام 1970 والثانية بعنوان خيمة علی مشارف الأربعين العام 1971 في الأولى أعجبتني قصيدتان بعنوان ــ الرشبا ـــ الره شه با ــ والثانية بعنوان- بيره مكرون ـــ پیرەمەگروون ــ الأولى تتحدث عن رياح السليمانية الهائجة التي تحطم الأحجار والأشجار ولا تتحطم، و الثانية تتحدث عن جبل بیره مكرون ،وصموده أمام جبروت الدهور والأزمان كتبهما أيام كان مناضلا ماركسيا منفيا إلی مدينة السليمانية التي كان دوما دارا آمنا لكل من ناضلوا ضد الظلم والطغيان ،وأن لم تخنني الذاكرة له مسرحية عن الحر الريحاي الذي ابی إن يشترك في قتل الامام الحسين (ع) فأنسحب ليلا من معسكر يزيد الملعون وانضم إلی الحسین ورفاقه وابدی بطولة نادرة في الدفاع عن الحسین ،ودخل ودخل التاريخ من أوسع ابوابه شامخ الراس في الدنيا والاخرة ،أما شفيق الكمالي فلم اقرء له سوى بعض القصائد في بعض الصحف والجرائد وكان صديقا لرموز النظام العراقي المقبور ورغم ذلك قتله النظام إثر بعض هفواته السياسية ،وعلی أية حال كان كلا الشاعرين من مداحي النظام العراقي البائد ، اما لميعة عباس عمارة فهي شاعرة رومانسية لها قصائد غنائية جميلة،لكنها لاتمت بأية صلة بالحداثات التي شهدتها الشعر العراقي الحديث ، وربما كان مواقفها السياسية أجمل من مواقف صديق عمرها الشاعرعبد الرزاق عبدالواحد. * أبرز مشاركاتك المحلية والعالمية؟ ــ شاركت في أغلب الندوات والمهرجانات الشعرية المقامة في كردستان، إلا أنني منعت من الإشتراك في المهرجان الأول للشعر الكردي الذي أقيم في كركوك العام 1973 لكوني فوضويا اكتب قصائد نثرية لا تمت بالشعر بأية صلة ،ورغم ذلك فقد تمكنت أن أجمع جمهورا كثيرا من عشاق الشعر أمام باب قاعة المهرجان ،والتحق بهم العديد من الحضور داخل القاعة فإلقيت قصائدي في جو ممتلئ بالفوضی فألقي القبض عليا من قبل شرطة كركوك، وتم إطلاق سراحي في الصباح الباكر بعد أن تدخل في قضيتي المرحوم وزير الدولة ورئيس إتحاد االادباءالاكراد صالح اليوسفي ،وفي العام 1971 أثناء إنعقاد المؤتمر الثاني لاتحاد الأدباء الكرد في أربيل رغم كوني عضوا فيه منذالعام 1970 منعت من الإشتراك ، بحجة ترويج الفوضی في الجلسات الشعرية التي أقيمت في أيام المؤتمر ،فقررنا انا وصديقي الشاعر الكردي أنور الشاكلي ،إثارة فوضى رائع حيث قفزت أنا علی منصة القاعة وأخذت المكرفون من يد مدير الندوة وألقيت عدة قصائد قصيرة فأهتزت جدران القاعة بالتصفيق والفوضی ،وبعد ذلك صعد صديقي الشاعر أنور علی المنصة وتلی قصائده ،وبعد ذلك بدقائق بلغنا من قبل الشرطة أن نترك مدينة اربيل بامآن وإلا لا حل آخر إلا بالقبض علينا ،فتركنا اربيل بسرعة ولم يتعاطف معنا في ترك المهرجان إلا الشاعر يوسف صديق زنكنه، حين ترك معنا القاعة ورجعنا إلی أهلنا في كركوك، أما على مستوى الدولي ، شاركت بدعوة من الروضة الفنية الايرانية في طهران في المهرجان الشعري العالمي المقام في طهران وشيراز العام 2011 وشاركت مع صديقي الشاعر آوات حسن امين ، في مهرجان عالمي أقيم في طهران تحت شعار ــ أدب اطفال ما بعد الحرب – وشاركت قبل عدة سنوات في المهرجان العالمي الذي أقامه الروضة الفنية في ذكری الشاعر الآذري الكبير محمد حسین شهريار في تبريز وطهران ،وأقولها بكل صراحة أن الشعب الإيراني هائم بالشعر حتی النخاع ، ولو حدث أن مات الشعر في كل العالم سينبعث ثانية في مقبرة حافض وسعدي الشيرازيين ،ولكوني إهاب بل أموت خوفا من ركوب الطائرات لم استطيع تلبية العديد من الدعوات الثقافية العالمية ، منها دعوة من جامعة ماردين في تركيا ودعوة لمهرجان لغوي حول اللغة الكردية في مدينة ــ جوله ميرك ــ في تركيا ،ودعوةمن قبل بعض أصدقائي الكرد لإقامة الأمسيات الشعرية في إيطاليا وغيرها من البلدان،والخوف من ركوب الطائرات هو المانع الأوحد لعدم إشتراكي في المهرجانات التي تقام أحيانا في بعض المدن العراقية والتي يشترك فيها العديد من أصدقائي الأدباء والشعراء الأكراد.
اين تجد لذة الكتابة باللغة العربية أو الكردية ،ولماذا ؟
– نوعية القصيدة هي التي تفرض عليا بأية لغة اكتبها انا احب كلتا اللغتين، واكتب بهما دوما ولا انكر بأن ثقافتي منذ صغري كانت ثقافة عربية فرضتها عليا
الدراسة الرسمية ،ولكني كردي وأفتخر بكورديتي حتی الموت .
* كلمة عتاب لمن توجهها ؟
– إنتهی عصر العتاب ،ولا إعاتب إلا نفسي الأمارة بالشعر.
* كلمة أخيرة ؟
– في كلمتي الأخيرة أعيد إلی الأذهان ماقلته في إحدی قصائدي الكردية:
فلتسكت البنادق
إن طفلا ينوي أن ينام
ولتسكت الأباطرة والقياصرة
إن شاعرا يود أن يتكلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق