ثقافة وفنونقسم السلايد شو

عدنان عبد القادر .. مرثية اللون وتوظيفها لمعاناة الإنسان

 

قراءة نقدية /علي صحن عبدالعزيز

منذ الأزل اتخذ الانسان الرسم وسيلة وأداة لتحقيق أصول التعبير عن ذاته وتشخيص حالة المجتمع ،ولعل تلك الوسيلة في أبعادها النفسية ،كانت تستقطب توظيف ألوان معينة باقية حتى يومنا هذا،وعاشت معه لتشاركه رحلة الوجع والحزن.
لكن هنالك ألوان شكلت لغة تعبيرية وجاذبية له ،ومنها اللون الأحمر ،لأنه أحد الألوان الأساسية والاصلية نحو تأسيس هذا المعنى ،ولذا جاءت لوحات التشكيلي عدنان عبد القادر ،أساسا للتعبير بأجلى صورها ،ليعطي انطباعا لمعطيات الفن التشكيلي ومدى نمو أحاسيس وارهاصات الانسان نحوه ،بالإضافة إلى تكوين خط تشكيلي سوريالي معززا بالأدراك والوعي ،ولوحة موضوع قرائتنا النقدية ،جاءت بتصريحات يمكننا النفوذ إلى مكامن معطياتها كدراسة منهجية ونقدية لها .
لون وحدث
لم يمنح (عبد القادر) لوحاته بُعداً ذاتيا فقط ،ولكنه جعلها مرثية لمعاناة الإنسان واوجاعه فهي ضمن تكوينه الذاتي ،والتي ترجمتها رموز بنيوية في أعماله ،فشكلت توافقا بالشكل والمضمون لينفرد في هذا المعنى ،وهو يتعامل معها بلمسة لونية فائقة الانسجام والتعامل ليكشف عن موهبته المهنية ذات الكفاءة العالية بفعل إكتسابه للكثير من التجارب العالمية نتيجة مشاركاته المتعددة ،بالإضافة إلى موهبته وجهده المتواصل ،وهي تحمل صورا الواقع بالغ الأثر والتعقيد .
حكاية المعاناة
هنالك تفاصيل استلهما عدنان عبد القادر ،ومنها توظيف اللون الأحمر ضمن معالجات خصبة وثرية حيث يقول عن لوحته(اللوحة الأولى زيت على خشب شغل سكين ، الفكرة تتحدث عن حالة الإنسان في المشرق العربي في ظل الأنظمة والحكومات الرجعية والعميلة عبرت عن كل تلك المعاناة والحروب والخراب باللون الأحمر للدلالة على عمق المعاناة وحجم الكارثة اللتي تعرض لها الإنسان في هذه الأوطان من غياب وتغييب وترهيب وتدمير ، والوجه في حالة الصراخ والألم ) أن ماحققه عبد القادر من خطى المزاوجة بين مسؤوليته كفنان تشكيلي مؤمنا بطرح قضية شعبه ،يمثل أدق تفاصيل الانتماء الحقيقي لهذا الشعب المضرج بدمائه ،بسبب الحروب وويلاتها مستعملا اللون الأحمر وحدته القوية ،ليظهر صلته القوية والمباشرة بأدق صورها ،ومعالجته الجمالية وفق قضايا مطروحة تعيش محنة الإنسان وتتعاطف معه بصدق وإخلاص.
مرافئ تشكيلية
الإحساس والشعور لدى التشكيلي عدنان عبد القادر ،يتميز بحالة من الجمع ما بين المدرسة السريالية والتجريدية ،وهو تجسيداً يعتمد على انتقاء المأساة بطريقة توحي للمتلقي وكأنها رسالة خاصة إليه بصورة مباشرة ،متخذا التزامه سبيلا إليها.
التشكيلي في سطور
ولد عام 1971في خانقين ،تخرج من معهد الفنون الجميلة في السليمانية لعام 1991،أفتتح ثلاثون معرضا شخصيا ،ماعدا العشرات منها في المشاركات الفنية داخل العراق وخارجه،كالمانيا والسويد ومصر ولبنان والمغرب والأردن وفلسطين وإيران ،وحصل على العديد من الشهادات الدولية والدروع الذهبية وشال السفير العراقي،ومثل إقليم كوردستان ودولة العراق في المحافل الدولية ،له أسلوبه الخاص في الواقعية الأكاديمية والفن الحديث ،تجاوزت عدد لوحاته الألفي لوحة ،وهو بذلك يعد أكبر صاحب ترسانة فنية في الوطن العربي ومازال عطائه مستمرا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق