ثقافة وفنونقسم السلايد شو

التشكيلي كريم المالكي والتزاوج بين البُعد الإنساني والموروث الشعبي

 

قراءة نقدية /علي صحن عبدالعزيز
لم تأتي اختيارات التشكيلي (المالكي) لأعماله عبثا ودون دراسة أو حدث ،بل كانت في مغزاها العميق تحمل أوجاع عاصرها بروحه ووجدانه،فأحبها وأخلص لها ،ونمت في جذور إنسانيته وخياله الخصب جنباً إلى جنب ودون أي وسيط ،وذلك الأسلوب الذي تعلمه من أستاذه في كلية الفنون الجميلة فائق حسن ،حينما كان طالبا فيها،فكانت تجربة حددت مهمات مستقبله ذات العطاء الفذ والمتجددة،ولأن الفن التشكيلي يمثل أبرز عناوين الخطابات المؤثرة في المجتمع ،فإن كريم جمعة المالكي رصع مسيرته في صياغة لوحاته التي تحمل هواجسه وأفكاره بطريقة عكست مديات تجربته وذاكرته اليقظة ،ومن هنا يرى المتتبع لأعماله ،أنها طريقة وجدانية ابتدعها في البوح عن ما يختزله من صراحة تجذب الإنتباه والتساؤل لدى المتلقي.
رسالة وآثار
تخفي لوحة ( أمي)موضع قرائتنا النقدية ،حكاية ذات طابع حزين ،حيث يقول عنها التشكيلي كريم جمعة المالكي :كما هو معروف لدى طلبة الكليات والمعاهد الفنية ،بأن يطلب منهم رسم لوحة تخرج عند نهاية كل سنة ،وكانت والدتي قبل فترة قد وافاها الأجل أيام الثمانينيات ،فرسمتها وآثار وجعها لم يفارقني في كل لحظة ،وعبثا حاول المشرف على العمل إن يتعرف على أسباب رسمي لهذه اللوحة ،فقلت له أنها أمي ،فصمت ولم يتكلم بكلمة واحدة ،حتى أن اللوحة علقت لسنوات متتالية في الكلية ،ما اريد ان أقوله هنا لابد لك من القناعة التامة فيما ترسمه ،هكذا إذن جاءت ولادة هذه اللوحة للتشكيلي (للمالكي) عن أنشودة مشتعلة بلهيب اشياءه المقدسة ،بعيدا عن بالونات الزيف والغرور.
اللجوء الى البوح
الفنان كريم جمعة المالكي ،مقّل بأعماله ولكنه على تواصل ونتاجاته مبدعة حد الإحتراف ،ويمتلك سيناريونات ذات لغة تجعل القارئ او المتتبع للفن التشكيلي ،يقف أمام مسألة تناوله للبُعد الإنساني والموروث الشعبي لأبعد مدياته ،فهو يغسل اللون في بودقة الحدث ولا يعرف منصة أخرى سوى اللجوء إلى بوح يقطع كل عناصر التعبير ذات الصفة الكلاسيكية ،بل جاءت أعماله لتؤكد وبصورة مختلفة على أن قيمة حياة الإنسان ،فوق أي مفهوم أو مسمى ،جاءت أعماله لتؤكد أن هذا الفن النبيل ليس للاغنياء،بل هو قانون طبيعي للفقراء ،يكتبه ويشرعه التشكيلي ،لمخرجات في تأصيل قيم التسامح والأخوة النبيلة الصادقة .
هكذا نرى أن (المالكي) قد وضع يديه وفرشاته بمهارة على إرهاصات وأوجاع مجتمعه ،بل وشخص أسبابها الواقعية ،متمسكا بحقائق الأمور ،وهو يسعى إيقاظ عقول المتخمين بالاستغناء عن الناس ،بأن طعنات انتسابهم إلى الإنسانية ،ماهي إلا هوية مزيفة وستثبت الأيام بطلانها وزيفها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق