اخر الاخبارسياسيعمودقسم السلايد شو
من (تغيير النظام) إلى (الله يبارك إيران)… تحوّلات تكشف عمق المأزق الأمريكي

من (تغيير النظام) إلى (الله يبارك إيران)… تحوّلات تكشف عمق المأزق الأمريكي
بقلم – جعفر محيي الدين / بغداد
في مشهد لم يكن ليتخيله أحد قبل سنوات، تتساءل الباحثة الأمريكية هولي داغرس بدهشة تكاد تلامس السخرية كيف يمكن للمرء أن ينتقل من تغيير النظام إلى الله يبارك إيران في غضون 24 ساعة؟ هذا التساؤل لم يكن مجرد تعبير عن استغراب سياسي، بل صرخة فزع من قلب واشنطن، تعكس حالة من الارتباك أمام مشهد جيوسياسي يتغير بسرعة وعمق
التحول المفاجئ في الخطاب السياسي والإعلامي في بعض الأوساط الغربية ليس صدفة عابرة، بل نتيجة طبيعية لتراجع الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، وصعود محور المقاومة وعلى رأسه الجمهورية الإسلامية الإيرانية فما بين العقوبات القصوى، والاغتيالات، والتحريض الإعلامي، كانت إيران تبني بصبر وهدوء شبكاتها من النفوذ، وتصنع أدوات ردعها، وتعمّق تحالفاتها من اليمن إلى لبنان، ومن العراق إلى فلسطين،
لقد اعتمدت أمريكا لعقود طويلة سياسة (تغيير الأنظمة) كأداة لتركيع الدول الرافضة لهيمنتها لكن التجربة الإيرانية أثبتت أن الشعوب الحرة لا تُركَع بالعقوبات، ولا تُغيَّر إرادتها بالصواريخ وها هي واشنطن اليوم، بعد أن كانت تدق طبول الحرب وتعدّ العدّة لتغيير نظام طهران، تجد نفسها عاجزة حتى عن التأثير في توجهات الرأي العام داخل دولٍ كانت يوماً تدور في فلكها
أما إسرائيل، التي لطالما تباهت بتفوقها العسكري والاستخباري، فقد وجدت نفسها اليوم محاصَرة بالصواريخ من الشمال والجنوب، تترقب كل شبح في السماء وكل قارب في البحر، بينما خصمها الإيراني يراكم من القدرات والتكنولوجيا ما يجعل تل أبيب في مرمى الردع الفعلي، لا مجرد التهديدات
إيران… من العزلة إلى التأثير
ليس سراً أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد تحولت خلال السنوات الأخيرة من دولة معزولة تتعرض للعقوبات، إلى لاعب إقليمي ودولي مؤثر يُحسب له ألف حساب لم يكن ذلك بالمال أو التحالفات المؤقتة، بل عبر مشروع واضح، مبني على الهوية والكرامة، وخطاب يتجاوز المصالح الآنية نحو مبادئ أعمق تتصل بالعدالة والسيادة ورفض التبعية
ما أربك أمريكا ليس فقط فشلها في كسر إرادة إيران، بل قدرتها على التمدد خارج حدودها، ونجاحها في تشكيل جبهة مقاومة مترابطة شعبياً وعقائديًا وسياسياً لم تعد إيران مجرد دولة، بل فكرة تتغلغل في وعي الأحرار في العالم، من غزة إلى كابول، ومن صنعاء إلى بيروت،
ونستخلص مما تقدم…
حين ينتقل الخطاب من (تغيير النظام) إلى (الله يبارك إيران) فهذا ليس تغييراً في المزاج، بل اعتراف مضمر بالهزيمة أمام مشروع صمد رغم الحصار، ووقف رغم العواصف، ورفض الانحناء مهما بلغت الضغوط. إنها لحظة تعري للغطرسة الغربية، التي ظنت أن الشعوب تُشترى بالدولارات أو تُخضع بالقواعد العسكرية
وها هي إيران، ببركة الصبر والمبادئ، تحرجهم مرة بعد مرة حتى باتت دعوات (البركة) تُسمع من أفواه كانت يوماً تطالب بالخراب.