اخر الاخبارعمودقسم السلايد شو

الفن في زمن الحرب

جميع المقالات التي تنشر في صفحة "أعمدة" تمثل رأي كتابها وليس بالضرورة تمثل رأي الوكالة

 

بقلم – عمر عبدالعزيز العسالي / اليمن 

بالتأمل العميق في هذا العنوان نجد فيه مجموعة من المفارقات والمتناقضات والتضاد في المعاني لأن الفن في مظاهره المألوفة للناس يرتبط بالرفاهية والتسلية وأحيانا بالموجون والخلاعة والفسق عند الكثير من المجتمعات المحافظة والمتطرفة في عقائدها وعباداتها وتعاملاتها.
لذلك كان من البديهي والمنطقي أن تختفي مظاهر الفن وأشكاله وصوره المختلفة عند الحروب والأزمات لإنشغال الناس بما أهم من البحث وراء مصادر المتعة والسلية والفرح والسرور فيصبح جل إهتمامهم وغاياتهم البحث عن الأمان في المقام الأول ثم التوجه إلى تحقيق الأمن الغذائي فيغدوا الفن غريبا منفيا في ظل هذة الظروف الإستثنائية الطارئة.

لكن الأحداث والوقائع أثبت بطلان هذة النظرية وعدم صحتها لكونها قاصرة تحصر وتحجم الفن في زاوية ضيقة جدا لأتتوافق مع الفلسفة الشمولية للفن كونه لا يهدف إلى الفكاهة والتسلية فقط بل يتعدى ذلك إلى ما هو أشمل وأبعد من ذلك بكثير كون الفن وسيلة جوهرية للتواصل بين الشعوب والحضارات فألفن مرتبط بالبشرية منذ بدء الخليقة لإرتباطه الوثيق بالمشاعر والأحساس والعواطف والتفريغ والتطهير العاطفي لها فرجل الكهف عبر عن مشاعره برسم مجموعة من التصاوير على جدران الكهوف وتارة يعبر عن أحاسيسه بالرقص والظرب على الطبول لتفريغ ما يشعر به من الكبت العاطفي والتعبير الرمزي عن مشاعره المختلف سواء كانت الفرائحية او الحزينة او حتى الغاضبة والناقمة منها.

من خلال هذا الطرح نجد أن الفن مرتبط بالإنسان في كل مظاهر حياته حتى في الحروب والأزمات لصبح الفن من أهم المظاهر الواقعية في الحرب ومن الشواهد على ذلك عبر التأريخ والحقب الزمنية المختلفة قرع الطبول عندما بدء المعارك الكبرى وعندما يحمى وطيسها كذلك قرع النساء للدفوف وغنائهن في بعض المعارك التي سجلها التأريخ في فجر الإسلام لتقوية عزائم المحاربين على تحقيق النصر لهذا كان الفن من أهم المظاهر الرائدة في الحروب والمعارك.

بل أن بعض الفنون قد تكون قد اندثرت أو غابت مظاهرها في الواقع خاصة الظروف الإعتيادية لإرتباطها بالحروب وإثارة مشاعر الغضب والنقمة على الأعداء فلا تكتمل متعتها ولا تكتمل معانيها ولاتصل رسالتها الحقيقية الإ في الحرب فقط.
وتجدد القضايا والمواضيع التي تناولها ذلك الفن وعلى سبيل المثال الأغنية الفلسطينية المشهورة (أين الملاين) فعندما تسمعها في الظروف الإعتيادية قد لا تثير الأشجان والأحزان في القلوب على نحو كامل لكن وعلى النقيض من ذلك عندما تسمعها عند تجدد المواجهات بين الفلسطينين والعدو الإسرائيلي نجد لها مذاقها الخاص في توصيل الرسائل إلى المستعمين لإستعداد النفس لتقبل ما فيها ولتطابقها مع الحالة الشعورية الداخلية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق