اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو

” فضاءات نيوز ” تلتقي الناقد حسين عجيل وتفتح معه ملف الحركة النقدية في العراق

 عجيل : العمل الصحفي والإعلامي ...عين حادة ونافذة ولا تحتاج إلى من ينتقدها

حاوره /علي صحن عبدالعزيز
عمل ناقداً في مختلف مجالات الأدب ،الشعر والقصة والمقالة ، وحينما إطلعت على إجوبته لمحاور أسئلتنا ، فإنه كشف النقاب عن الكثير من أوجاع وهموم المثقف والأديب العراقي ، لم تكن معرفتي به حديثة العهد ،بل تمتد إلى سهول دراستنا في المرحلة الابتدائية ،في مدرسة العباسية /مدينة الثورة سابقا قطاع /15 في بغداد ،فلقد كان يتابع درس اللغة العربية ويكتنز لذيذ مفرداتها لمآرب أخرى ،أشبع بها لاحقا الكثير من قراءاته النقدية والتفكيكية المتميزة ذات التحليل العميق والبعيد عن المصالح الشخصية ،دوؤب في حركته بالمتنبي ،يثير الكثير من الأسئلة بين أصدقائه ومتابعيه .
(وكالة فضاءات نيوز )  التقت الناقد حسين عجيل وكان لها  هذا الحوار :
* ماذا يعني لك النقد ؟ 
النقد عملية مكملة للنص، لأنه يكشف الجوانب الجمالية والإبداعية فيه، بغية تحديد قيمته الفنية، وكذلك يكشف مواطن الجودة والرداءة فيه، وفق معايير معينة، وما هو مطلوب فيه؟. فهو حلقة مهمة وضرورية في تقويم النص تضاف إلى الحلقتين الآخريتين وهما الكاتب والقارئ. * ماهي المنهجية التي تعتمدها في كتاباتك النقدية؟
 لم أعتمد أي منهج نقدي معين بذاته، بحيث ألتزم به حرفياً وأتخذه كنموذج يمكن الأعتماد عليه في تحليل النص الشعري، وتفكيك دلالاته، وإنما القراءة الحرة المفتوحة، التي إستحضر فيها المناهج الفلسفية والنفسية والأنطباعية، وغيرها التي تساعد في تحليل النص، بغض النظر عن العوامل الخارجية المؤثرة فيه أو دوافع كتابته، لأن المنهج النقد الحداثي منهج متعدد الخطاب في النص الواحد، فلا يمكن أخضاعه إلى رؤية بعينها، كذلك يمكن فهم النص عبر نوعين من القراءة، أما قراءة أكاديمية أو قراءة فنية، والذي أعانني في كتاباتي النقدية قراءاتي التي سبقت ما كتبته والذي شكلت خزين معرفي ساعدت في عملية تطوير قدراتي الكتابية، التي تجنح في أغلب الأحيان للطرح الأكاديمي الذي يتطلب أدلة وحجج تضاف إلى المناقشة، وهذه ميزة رئيسية في الطرح الأكاديمي كأجراء نقدي، وكلما أزدادت الأقتباسات أزدادت الحجة قوة، لأنه يعتمد مصادر يستخدمها نقدياً في بناء حججه الخاصة ومناقشة مدى صحتها وأرتباطها بالموضوع. * هل يتلاقى الشعر والنقد في عملية تكاملية ؟
× الشعر والنقد هما صنوان متلازمان في نقل الأحساس والجمال والمعارف ونشر الثقافة، وهذا التلازم بينهما ضروري ولايمكن التشكيك فيه أو الأستغناء عنه.
* هناك تعددية في المناهج النقدية؟
× نعم توجد مناهج تمثل مدارس وتيارات نقدية متعددة، لكل منها منهجية الخاصة في تحليل النص، وأقصد بالتحليل هو القراءة المعمقة للنص، والإحاطة بالمعاني والدلالات التي يسعى إيصالها للمتلقي،كذلك هذه التعددية أغنت العملية النقدية في تناول النص برؤى وتأويلات متعددة، ووضعت الشاعر والأديب أمام مسؤولياته في الكتابة. * بصراحة هنالك حالة من الركود في النقد العراقي، وإذا ما وجدت فإنها تكون على علاقات خاصة وأجتماعية، كيف تقيم هذا الانطباع ؟
× الحركة النقدية في العراق شهدت تطوراً ملحوظاً في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، أظهرت نخبة من النقاد العراقيين من الذين يشار لهم ، ولكن هنالك تراجع في هذا الواقع الشعري والأدبي دون أن يفرز وعي نقدي جاد، لأن الواقع النقدي في العراق يسير على قدم واحدة وهي (الاخوانيات)، والمنافع الشخصية والمحاباة، بعيداً عن أغراض النقد الجمالية، مما أدى ذلك إلى أن يكون هناك فارق بين حجم الإبداع ومساحة النقد، فترى الناقد يصرف النظر عن الكثير من العيوب والأخطاء الفنية والجمالية والتقنية في قراءته النقدية، فالساحة النقدية عموماً تعاني اليوم من حالة غياب نقدي جاد ،والبعض يرى عدم وجود حركة نقدية فاعلة خاضعة لمعايير نقدية، وهذا راجع إلى الفوضى الذي يعاني منها المشهد الثقافي العراقي عموماً.
* بماذا تفسر عدم تناولك للكثير من الأسماء العربية ومبدعيها في قراءاتك النقدية ؟ – أنصبت قراءاتي النقدية في الغالب على الأديب والشاعر العراقي أولا، لأني أرى بوجوب أبراز دوره في الساحة الشعرية والادبية العربية، لأن هذه الساحة العراقية لا تخلو من المبدعين في ظل هذه الفوضى الثقافية والسياسية التي يشهدها العراق عموماً. * كيف تنظر إلى العلاقة بين الشاعر والناقد؟
– بعض الشعراء ينظر للناقد أنه يريد أن يتلمس أخطاءه وإظهارها، وشكلت هذه النظرة إشكالية بين الناقد والشاعر الذي يظن أنه يراد أضعاف نصه، أقول أن النقد لا يعرف صغيراً أو كبيراً حتى يظن ذلك، لأن الجميع أمام الناقد سواء، وطالما توجه النقد إلى كبار الشعراء والأدباء وعلى مر التاريخ.
* بعض الأدباء يقولون بأن الوضع الثقافي العراقي لم يتغير عن سابق عهده، وأن ما جرى كان عبارة عن حرف جرٍ أثر على الأسماء مابعده ؟
– اليوم الساحة الثقافية العراقية تسودها المجاملات والإطراء، وتجنب الحديث عن العيوب والأخطاء إلا من الأشارات الخجلة أو التورية، ولا يمكن مقارنة الدراسات النقدية والقراءات الحالية بعهد سابق لها. * كيف ترى قصيدة النثر العربية والعراقية خاصة؟
– يرى الأديب الفرنسي أندريه بريتون أنه، ما من شيء أصعب هذه الأيام، من أن يكون الإنسان، شاعر قصيدة نثر ، واليوم نرى الساحة الشعرية العربية والعراقية خاصة، تعج بمن يعدون أنفسهم (شعراء)، وهم يصولون ويجولون، فتراهم يكتبون أي كلام، وينشره الأخر على أنه شعر، وقد سمى الشاعر نزار قباني هذه الحالة الفوضوية بالغوغائية الشعرية، حتى وصفت قصيدة النثر بحمار الشعراء من خلال نصوص غائمة تعاني من الأستطراد والحشو، والمباشر والغموض إلى حد الأبهام، وأفتقارها إلى التنسيق الجمالي والدلالي واللغوي ، فالذي يرجى من شعراء ونقاد قصيدة النثر أن لا تكون قصيدة النثر للأخرين فن للشعراء الكسالى.
* أرجو أن تكون صريح معي وبإيجاز عن : الحركة الشعرية النسائية في العراق ما بعد عام 2003 ؟
× الأحداث التي رافقت التغيير في العراق بعد 2003 قلصت الفجوة بين ذكورية وأنوثية الشعر، فالحركة الشعرية النسوية لفتت أنتباه المعنيين بالشعر والأدب بعد أن أزيلت رهبة اللغة والموروث الذي كان حائلاً بين المرأة والشعر وتجاوز التابوهات المقدسة في كتابة القصيدة الأنثوية المعبرة عن ذاتها، فكان هنالك تفاعل إيجابي مع الشاعرات وحاجتهن الخى الدعم الأعلامي ودعم الأتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق ووزارة الثقافة وتشجيعهن على مواصلة الإبداع في الساحة الشعرية.
*هل المثقف في العراق مازال مؤدلجاً؟
× الساحة الثقافية العراقية في غالبها لاتخلو من المثقف المؤدلج من حيث يدري أو لا يدري، بل أرى كلنا واقعين تحت مظلة الأدلج الدينية أو السياسية، والذي يكتب خارج سرب المؤدلجين لايتصور أنه بعيداً عن أنظار ورقابة الفوضى السياسية في العراق، فليس في العراق بعد 2003 كل شيء من الفكر والكتابة مباح، بل هناك خطوط حمراء كثيرة لايجوز تجاوزها مهما كانت سعت المسموح به من الكتابة كبيرة، فالمثقف العراقي يحتاج إلى الوقت حتى يتمرد على هذه الأدلجة والفكاك من هيمنتها، وهناك من دفع الثمن غالياً حينما أراد التمرد.
* هل الواقع النقدي العربي قادر على إنتاج نظرية نقدية عربية خالصة؟
× بلا شك العملية النقدية العربية تفتقر إلى منهجية عربية خالصة، فنراها أسيرة المناهج الغربية المنقولة، وهذه من أهم المشكلات التي تعاني منها، والضرورة تقتضي التحرر من هذه التبعية والبحث عن منهج نقدي عربي يتلائم مع الواقع العربي، وهذا لايعني أن الساحة النقدية العربية خالية من تيار مناهض للمناهج الغربية ينادي بأنتاج نظرية نقدية العربية ذات أفق نقدي معرفي، تواكب غزارة المنجز الإبداع العربي.
* حينما اقرأ موضوعاتك النقدية، أرى الكثير من المفردات اللغوية المعاصرة، أما ترى أن تكتب بلغة السهل الممتنع؟
× القراءة النقدية جزء لا يتجزأ من المشهد الإبداعي، فهي أسلوب فني يعتمده القارئ بتحليل مكونات النص ويتذوق جمالياته لأجل الوصول إلى فهم كلي له، لأن النص ينكتب لقارئ أفتراضي، فالنص يمارس إغواءاته على الناقد ويجلبه إلى ساحته لاشعورياً. فهاجس الكتابة النقدية وجمالياتها تكمن في أستخراج الدلالات المعرفية والجمالية للنص وأستنطاقه والفهم العميق لمكوناته، ومثل هكذا كتابة تتطلب جهد تحليلي أو تفكيكي، لأن في داخلها تتموضع فكرة فلسفية، أو فكرية، والكتابة النقدية بطبيعتها عمل أستدلالي تحليلي، وما على الناقد إلا الغوص في هذا العمل وأستنطاقه حسب مخزونه المعرفي وإلمامه بأدواته المنتجة من خلال قراءة تكشف خبايا النص وتمفصلاته التي قد لا يدركها القارئ العادي.
* أحد النقاد يقول، بأن التوجه إلى القارئ من خلال الإنترنيت أفضل من قراءة الأخير للكتاب، لماذا هذا الجفاء مع المنتوج المطبوع ؟
× الأنتشار الواسع للإنترنت جعل من أستخدامه ضرورة حياتية لكل أفراد المجتمع، ورغم الفائدة التي تجنى من هذه التقنية، إلا أن من أبرز آثاره الأبتعاد عن القراءة وأقتناء الكتاب المطبوع ،فالإنترنت جعل سهولة البحث في أي مكتبة في جميع أنحاء العالم، فترى القارئ أستغنى عن الكتاب لوجود ما يبحث عنه في شبكة الإنترنت بأقل جهد، إلا أن لاغنى عن الكتاب ولايعوضه شىء أخر، لأن الكتاب الورقي له متعة كبيرة في قراءته وتقليب صفحاته ، أما بخصوص توجه القارئ الى الإنترنت إياه أفضل من قراءة الكتاب، لأن نسبة القراء أضعاف مضاعفة من قراء الكتاب الورقي، أضافة الى سهولة الوصول الموضوع الى القارئ.
ماهي نشاطاتك الأخرى ماعدا النقد الأدبي؟ × أضافة إلى كون عملي في المجال التربوي كمعلم لغة عربية، لي مقالات في الجانب الأدبي والأجتماعي والسياسي وهي منشورة في الصحف العراقية الورقية ، وبقية المواقع الألكترونية العراقية والعربية الأخرى . * هل جمعت قراءاتك ودراساتك في الكتاب ؟
× أتطلع إلى جمع قراءاتي ودراساتي النقدية في كتاب، أضافة إلى جمع مقالاتي على تنوعها في مطبوع مستقل، كما لي مجموعة شعرية صغيرة في النية نشرها بعد مراجعتها. * لماذا لا تتناول بالنقد الأعمال الصحفية والصحفيين؟
× العمل الأعلامي والصحفي هو بحد ذاته عين ناقدة حادة، لا تحتاج إلى من ينقدها، بل المثقف بحاجة الصحفي والأعلامي في نشر وبيان أعماله.
* ما رأيك في الأتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق؟
× الأتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، بعيد كل البُعد عن الواقع البائس الذي يعيشه المثقف العراقي وعن الواقع الثقافي ،وعليه أن يهجر أبراجه العاجية العالية وأن يكون جزءاً من النسيج الثقافي العراقي العام، ويتابع التخطيط الديمقراطي السليم والتفاعل مع أحتياجات المثقف العراق، وأن يتحرر من تبعيته الحزبية والمحسوبية والمنسوبية المهيمنة على عمله. * كيف ترى دور وزارة الثقافة في دعم المثقفين؟
× وزارة الثقافة وزارة مسيسة خاضعة للمحاصصة الحزبية، لا تتفاعل مع الواقع الثقافي العراقية ،ولا تتحسس مشكلات المثقف العراقي، فهي مدعوة إلى أعادة النظر جذرياً في جميع صيغ أعمالها .
* كلمة أخيرة؟
الشكر والثناء إلى كادر  وكالة ” فضاءات نيوز ” ، وإليكم كذلك لحواركم الممتع معنا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق