اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو

ثلاث وجوه لعلي ” ع” ..قصيدة للشاعر اللبناني جودت فخر الدين

 

شعر – جودت فخر الدين – بيروت

”  الوجه الأول  ”  

خانته الأرض،

فلم تجلس هانئة بين يديه،

ولم تسبح في سرّ خطاه،

خانته الأرض،

وكان يعاتبها كأب،

يبدد فيها أشجار يديه،

فتذهب عنه،

خانته الأرض،

فسار وحيداً في الأرض،

وكان الناس يرون إلى وحدته،

فيثوبون إلى شُحّ بصائرهم،

كان عليٌ يجترح الخطو على ارض الناس،

ليرفع أيام الناس،

فيجحده الناس،

وكان يضيء، فيطفئه الناسُ،

سار عليٌّ في ارض جاحدة،

هل كان له أن ييأس أو يترددْ؟

ما كان ليطفئه الناس، توهج فيهم، ومضى برقاً

يتوقدْ

ينأى محتجباً، لكن لا يلبث أن يتجددْ

خانته الأرض،

فسار وحيداً في الأرض،

يقود سماء خرجت من ثوب محمدْ..

اختار الشاعر وجه الحاكم الإسلامي المثالي، فيما سبق، وكيف أن الجميع، ممن توحدت مصالحهم، قد اتحدوا ضده، وخانوا تعاليم ابن عمه(ص)..

وجه الحاكم المثالي، حين يعطي ويمنح لرعاياه وفقاً لمرضاة الرب ويقابله الآخرون بالخيانة والجحود والنكران..

ولكنه لا ييأس ولا يتردد.. لأنه لا يعرف غير عدالة الحكم، مطلق العدالة التي تعلمها من الرسول الأكرم(ص)..

الوجه الثاني 

 

في الوجه الثاني، نطالع بصيرته النافذة للغيب، مستشرفاً أفاق المستقبل، يحدث المحيطين بما تنفذ إليه بصيرته، هذا الوجه هو وجه الرائي والباصر، كاشفاً مدلهمات الفتن التي يحذّر منها، ولكن لا حياة لمن تنادي..

يسكن في كلمات تسكنه

يحيا في لغة بكر

تحتضن الأشياء كأم،

تسمو بالاشياء، فترفعها نحو سماء دانيةٍ..

كان عليٌّ يحيا في أسرار اللغة البكر

انفاسُ عليٍّ كلماتٌ،

كان عليٌّ يحيا متقداً بالكلمات،

يجتذبُ الموت بها، ويلاطفه

يجعل للقول مضاء السيف

ويجعله ينضح بالاسرار،

ويخفق بالحسرات..

كان علي يحيا متقداً بالكلماتْ

يجتذب الموت، يلاطفه بالكلماتْ

وبما يرسم للناس دروباً

يطلق فيهم آياتٍ وعلامات

وجه الأيام متاهاتْ

وكلام عليٍّ أبوابٌ وحقولٌ، وجهاتْ ..

الوجه الثالث

وجه الشهيد في محراب عبادته، يبث مرارات الأيام والأحزان لربه المعبود..

هو يستشعر دنو خطوات الموت منه في آخر فجر كوفي تبصره عيناه، لكنه لا يبالي، فالرحيل عن هذه الدنيا، سجن المؤمن، هو ما يبحث عنه ويسرع بالوصول إليه.. ليلقي برأسه المتعب فوق صدر ابن عمه كي يستريح..

يبكي قتلاه،

ويمشي في ليل الكوفة،

جفناه نخيل محترقٌ،

ويداه نهران حبيسان،

وحيداً يمشي في ليل الكوفة،

والأرض خوارج أو أمويون،

علي في ليل الكوفة وهج مراراتٍ

علي يبكي قتلاه

ويمشي غابة آمال مكسورة

غابة آمال مهجورة

كان عليٌّ يبكي قتلاه،

وحين هوى في المحراب،

تعالت أشجار يديه،

وغابت في أفق لا يظهر للناس،

ولكن ظلالاً منها سارت في الأرض،

لتخرج آفاقاً تسنح للملأ المفتونْ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق