اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو

وكالة “فضاءات نيوز ” تلتقي بالخطاط والرسام حسين الزيدي

الحاسوب أثر سلباً على هذا الفن الرفيع و أثر على تأريخه وقواعده

 

الخط العربي قيمة فنية و هندسة روحانية


حاورته / د. دنيا علي الحسني

الخط لحن الحروف، يبرز جمال خطوط لغة “الضاد”، في تناسق كلماته كمعزوفة متناغمة الألحان، وجمال رسم حروفها كلوحة فنية متداخلة الألوان، ويتمتع الخط العربي بصفات خاصة تميزه عن غيره، وأهمها التجريد في الحروف واستقلاليتها وهو من أبرز الفنون التشكيلية يقول الفنان بيكاسو :”إن أقصى نقطة أردت الوصول إليها في فن الرسم وجدت أن الخط العربي قد سبقني إليها منذ أمد بعيد”. يتميز الفن الاسلامي بالإيقاع وهو جزء مهم وعامل مؤثر في اللوحة ولزيادة نسبة التوازن بين احجامها فيعطيها منظراً جمالياً ذو رونق مستقل، يجعله يحقق احساساً بصرياً ونفسياً وايقاعاً جميلاً، يؤثر في احساس المشاهد، حيث يبدع الخطاط بالفن الاسلامي الذي يتميز بالإيقاع على الخط اللين والهندسي والتماثل والتناظر وكذلك توزيع الوحدات وتعدد المساحات، وتوزيع الخط وسط كل تلك العناصر، الخطاط هو الذي، يبعث في داخلنا احساساً عميقاً بالقيم الاجتماعية والإنسانية، حيث يبدع بصياغة ذلك العشق والإيمان والمثل العليا إلى آثار خالدة مستمدة من القيم والمنهج الديني الحصين .
” وكالة فضاءات نيوز ” أجرت هذا اللقاء مع الخطاط والفنان( حسين الزيدي ) وطرحت عليه عدة اسئلة، وكان له نكهة وحوارية ممتعة بالإجابة، فمن كتاباته الجميلة والرشيقة تحس بأنك تتفاعل معه داخل اللوحة في تلافيف الحرف وإيماءات الكلمة فيحملك معه في فضاء الحرف العربي الأنيق. 

*كيف بدأت رحلة الخط، هل لك ان تحدثنا عن لمحة موجزة عن حياتك.؟

– كانت بداياتي بالخط منذ الصف الخامس الابتدائي كنت أقلد كتابات المعلم والخطاطين في المنطقة التي أعيش ضمنها بعدها دخلت دورة في النشاط المدرسي لتعليم خط الرقعة والنسخ، واستمريت مع دراستي المدرسية بلا انقطاع رغم الظروف الصعبة .

* ماهي أنواع الخط العربي وما الاختلاف بينها.؟
– الخط العربي أنواع متعددة وأهمها الخط الكوفي 40 نوع واشتقت منه بقية الخطوط مثل الخط الثلث والنسخ والديواني والرقعة والفارسي والاجازة والطغراء والجلي ديواني والكوفي بأنواعه البسيط والمورق والمزخرف والمربع والخ.. واوجه الاختلاف استمرت عبر رحلة الخط بالجودة والتطوير والابتكار، حتى كان الخط الحديث الذي ظهرت له الآن نماذج كثيرة خالية من القواعد والضوابط، وقد سميت الخطوط العربية بأسماء المدن أو الأشخاص أو الأقلام التي كتبت بها، وقد تداخلت هذه الخطوط في بعضها، واشتق بعضها من الآخر أبدعها الخطاطون العظام كالخط الكوفي والثلث مثلاً، وقد تطورت هذه الخطوط نتيجة إبداع المهتمين بها والمتخصصين بكل خط منها، فبلغت ذروتها لدى المتأخرين، وإن كان الاوائل قد نالوا قصب السبق فيها على جدران بغداد ودمشق والقاهرة والأندلس .

*بماذا يختلف الخط عن الفنون الاخرى ولماذا يسمى الخط العربي ب “الشريف”.؟
– يختلف الخط العربي لأنه يخضع لقواعد وضعها الخطاطون القدماء مثل الوزير بن مقلة، وسمي بالشريف لأنه شرف بكتابة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف .

* ما مدى تأثير الحاسوب على الخط العربي .؟
– أرى أن الحاسوب أثر سلباً على هذا الفن الرفيع و أثر على تاريخه وقواعده لأن الحاسوب خرج عن القواعد الأساسية للخط العربي، حيث أن كثيراً من الخطوط الموجودة في برنامج الحاسوب الآلي ليست أصيلة ولا تسير حسب القواعد المتعارف عليها في الخط العربي مثل أحجام الحروف وعدد النقاط لكل حرف أو ما يعرف بتشريح الخط ناهيك عن أغفال التناسق والتناغم فيما بين الحروف، وأما في الخط العربي جوانب ونواحي تعتمد على إحساس الخطاط وتقييمه ويتعامل مع أصول وقواعد
لا يمتلكها الحاسوب وخاصة تشكيل اللوحة في الخط، والكمبيوتر ينفع من ناحية الإعلانات التجارية .

*بعض الخطاطين بدأ يستخدم بعض الأحرف من الخط في لوحته أوما يسمى بالمدرسة الحروفية الجديدة والتي تقوم بمزج الالوان بالحروف أو محاولة تطويع الحروف العربية لتعطي لوحة جميلة ما رايك بذلك.؟

– في الآونة الاخيرة أدخل الحرف العربي من بعض الفنانين على اللوحات الفنية وصار التشكيل في اللوحة شيء جميل فقط والأفضل أن يلتزم الفنان بقاعدة الحرف بدل الالوان، إذ تفنن الكثيرون بهذا المضمار للجمالية فقط بدون قواعد مضبوطة .

* من خلال خبرتك الطويلة في هذا المجال كيف ترى واقع فن الخط وتراثنا العربي المخطوط اليوم وهل من أشخاص يحملون الراية نحو التطوير أم الجمود ؟
– رؤيتي لواقع الخط غير مرضية لأن الخطاط بدأ يترك المهنة لتعدد منافع الحاسوب إضافة لقلة أسعار اللوحات وعزف الخطاطون عن الخط لأنه أصبح شبه فلكلور فقط بالمسابقات الفنية ،وهذا ليس كعمله سابقاً، وتقام المسابقات في دول ليس لها علاقة بمنبع الحرف، لهذا بدأ الكثير من الخطاطين يتركون الخط وانشغلوا بأمور الحياة الأخرى .

* متى أتقنت الخط أو وصلت مرحلة الاحتراف وأي الاساليب تجيد.؟
– احترفت الخط في معهد المعلمين العالي واختصيت بخط الثلث لأن من لا يتقن خط الثلث لا يعتبر خطاطاً، كما قال أحد الحكماء، ” غلبت كل ذي فن وغلبني صاحب الفن الواحد”، لكن لم أترك بقية الخطوط تعلمتها كلها بقواعدها لكن الثلث هو المطلوب ولايزال يتداول بكثرة.

* ما تعريف الزخرفة وكيف تتعاملون مع الزخرفة بوصفها عنصراً جمالياً آخر ضمن اللوحة الخطية.؟
– الزخرفة علم من علوم الفنون التي تبحث في فلسفة التجريد والنسب والتناسب لتكوين والفراغ والكتلة واللون والخط، وهي إما وحدات هندسية أو وحدات طبيعية (نباتية – أدمية – حيوانية) تحورت إلى أشكالها التجريدية ، وتركت المجال لخيال الخطاط ، أما أنا تعلمت مبادئ الزخرفة والأن الحاسوب ساعدنا كثيراً في الزخرفة ورسمها،
فقط يبقى الحرف والكتابة سيد الموقف في التحكيم بالمعارض والزخرفة ثانوية بعملنا.

* لماذا برز الأتراك في الخط العربي وما سر إهتمامهم به.؟
– اعتنى العثمانيون بالخط العربي منذ القرن الخامس عشر الميلادي وحتى القرن العشرين، وجاء اهتمامهم بدافع التقرب من الدين الاسلامي، لأن اللغة العربية هي لغة القرآن وهذا ما اكد عليه شيخ الخطاطين الاتراك حسن جلبي بقوله ” الارتباط بالخط العربي منطقه ديني، فالأتراك من الشعوب التي عضت بالنواجذ على الدين الإسلامي منذ دخل ديارها درس الأتراك هذا الفن وحاولوا تطويره وتحسينه وجعلوه السمة الثقافية الأكثر وضوحاً على أهم الأماكن في الدولة مثل الجوامع والمتاحف والقصور والمقابر، التي تنوعت كتاباتهم المخططة والمذهبة على شكل أبيات شعرية وحكم ونصوص إسلامية كالآيات القرآنية والأحاديث النبوية ،وعند احتلال العراق من الدولة العثمانية انتقل الخط إلى تركيا وأبدعوا فيه ولكن عاد إلى بغداد على يد المرحوم الخطاط هاشم محمد البغدادي، وباعتراف الأتراك الذي قال عنه الخطاط حامد آيتاج الآمدي : أن هاشم من أحسن خطاطي العالم الإسلامي، ثم قال :نشأ الخط في دار السلام أي بغداد وها هو يعود إليها.

* ألا ترى أن أدوات التعبير والنشر لم تعد تتماشى بالإصرار على مفهوم الجمالية التقليدية لفن الخط .؟
– هناك محاولات في أسلوب تطوير كتابة الأحرف العربية وجمعها في قوالب طباعية لطرحها على المطابع الحديثة فمنها نجد أن بعض هذه النماذج قد دخل عليه التعديل ليتناسب مع الحرف الاجنبي، أثناء استخدامه في إعلان أو تصميم أو شعار، واعتماد هذه الأحرف التعامل معها يبعدنا عن هيئة الحروف الأساسية تباعداً من شأنه أن يفصل الأمة عن تراثها.

* من هم أساتذتك ومثلك الأعلى.؟
– مثلي الأعلى الاستاذ المرحوم هاشم محمد البغدادي والاستاذ حامد الأمدي التركي، والخطاط جاسم النجفي وعباس البغدادي، وجواد الخطاط وبعض الأساتذة منهم المرحوم يوسف ذنون.

* أهناك مشاريع أخرى تأمل تحقيقها.؟
– نعم في أفكاري الكثير من المشاريع لتطوير الخط، لكن جائحة كورونا أجلت كل شيء وأرجعتنا قرن إلى الوراء والأن جل إهتمام الناس بالعلاج والطعام والشراب والعمل لكسب الرزق، وهذه كارثة حلت حتى على جميع المشاريع بمختلف المجالات .
* إلى أي مدى تتداخل معطيات المهنة والفن في ممارسة الخط العربي.؟
– الكثير من الخطاطين اتجه للخط التجاري وبهذا انخفض مستوى الخط لكن بقي قلة قليلة يحيون التراث للخط العربي وأنا منهم.

* كلمة أخيرة لعشاق الخط العربي .؟
– إلى عشاق الخط العربي حافظوا على تراثكم فأنه باقيا (الخط يبقى زماناً بعد كاتبه وكاتب الخط تحت الأرض مدفون ) ( وما من كاتب إلا سيفنى ويبقى الدهر وما كتبت يداه فلا تكتب بخطك غير شيء يسرك في القيامة أن تراه) .

“السيرة الذاتية “
د. حسين ظاهر محمود الزيدي – العراق – بغداد – خطاط ورسام ومصمم – الولادة 1964 العراق – أستاذ جامعي تدريسي، حالياً متقاعد من الوظيفة رشح لوزارة التربية العراقية – عضو جمعية الخطاطين العراقيين سنة 1984م حاصل على الميدالية البرونزية من دولة اليابان سنة 1983م له مشاركات قطرية وعربية وعالمية – حاصل على شهادة القادة التربويين وآلاف كتب الشكر والتقدير من المنتديات والمعارض الشخصية والمشتركة والعالمية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق