اخر الاخبارعمودقسم السلايد شو

تذبحنا الذكريات

 

 بقلم –  هادي جلو مرعي

بعض الأشياء أشبه بلقاء غرامي يبدأ بلذة، وينتهي على ندم، وعلى ألم، فماتتمناه أن يدوم يتحول الى مجرد ذكرى، ولعل كثيرين عاشوا أياما حلوة مع رفاق وأحبة في الحياة، وفارقوهم، وفرقتهم الحياة، ولم تعد تجمعهم سوى الذكريات التي تمر كصور عابرة، وأصوات تضرب في الرأس مدوية كالرعد، تدفعنا الى البحث في الدماغ عن المزيد منها، فكأنها لذة قاتلة.وهناك من لايهتم للذكريات حتى لو إسترجعها، فقد شغلته الدنيا، واللهاث في طريق المكاسب عن التفكير بمن يحب، وبمن فارق، وتبقى تلك الحوادث، والذين عرفهم ذكريات عابرة لاتشغله كثيرا، بينما ينكسر الظهر عند كثيرين خينما تمر عليهم فكأنهم يحملون اثقالا، فيبكون ويتوسلون صور من مروا، ويحاولون التواصل معهم، والبحث عن عناوينهم وأرقام هواتفهم، ويلتقطون اخبارهم المفرحة والمحزنة، ويحاولون أن يصلوا إليهم، حتى اذا وصلوا الى بعضهم بقيت الحسرة تلازمهم لأنهم في شوق لمعرفة احوال الآخرين الذين لم يتمكنوا من معرفة شيء عنهم، فإذا علموا بموت أحدهم أخذتهم لحظات الحزن الى عوالم بعيدة من التأمل.
يالقسوة البعض من هولاء الذين لايعتنون بالذكريات، وينشغلون بمصالحهم فإذا وصلت إليهم لم يعبأوا بك كثيرا كأنك عابر سبيل مر بهم، ومضى دون ان يترك أثرا، فهولاء إجتمعت فيهم قسوة القلب، على حب الدنيا، على الأمل فيها، على الضعف في مواجهة التحديات، على الإنشغال بالمصالح، والكسب والعمل، وربما لم يكن من كبير محبة في قلوبهم، ولاكثير من مشاعر الشوق لتلك الأيام، وقد يعتذرون انهم يبالون بها، ويحبونها، ولكنهم غير قادرين على اللحاق بقطار العمر، فيركضون خلفه، ولكنهم يتوهمون اللحاق به، فلايلحقون، فيضيع منهم الماضي والحاضر، حتى تشيخ وتهرم اجسادهم، ويمضون مثل أي عابر في هذه الحياة الى مصير تفرجوا على غيرهم حين مر به، ولم يتنبهوا الى أنهم سيكونون الضحايا المقبلين.
لاتهملوا الماضي، ففيه من الجمال مايعادل قبح الحاضر، وقد يكون الماضي قبيحا، ولكن قبح الحاضر يجعلنا نراه بتلك الهيأة، فنقطع أيدينا مثل صدبقات زليخة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق