اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو

( فجر سوريالي ) لعماد نافع : إعادة خلق

قصائد نافع التشكيلية تقدّم فضاءين متجاورين كلاهما يمنح دلالة لكنهما دلالتان مترابطتان

 

د. يونس عباس حسين

ناقد أكاديمي

  مع الشاعر الفنان عماد نافع يتقدم الشعر خطوة جديدة للتخلص من التقليد والغنائية منحرفاً عن الأنظمة الشعرية القياسية رافعاً شعار التحوّل بالضد من الثبات الذي أقرّتْه أصول الفهم الشعري.

      ويبدو لي أنَّ عماد نافع يميل إلى الخروج بالشعر من تقليديته وغنائيته إلى حداثة الصورة والخروج من المألوف اللساني إلى التقنيات المرئية إيماناً منه بالتشكيل البصري كقيمة جمالية ودلالية، وهو يحاول تدمير سنن التلقي التي اعتادها المتلقي لفترة طويلة تحقيقاً للصدمة الشعرية وبموجب ما تنظمه الانزياحات البصرية لإخراج المتلقي من سكونيته وكأنه أحسن بعجز الأشكال التقليدية للقصيدة العربية عن أداء ما في أعماقه من تعبير لذلك جرّب مغادرة النمط التقليدي المعتمد على بلاغة الأداة، إلى اللغة المادة لانتاج بلاغة بصرية تقوم على خلق أشكال جديدة تحاول الخروج على المألوف اللساني في توظيف طاقات بصرية وتقنيات مرئية غير لسانية في نصه، سعياً منه إلى أن تكون نصوصه البصرية قادرة على امتلاك القدرة الكامنة فيها لتحويل المتلقي ليصبح نصّه المرئي شركة بين الاثنين الشاعر والمتلقي، فقصائده التشكيلية تقدّم فضاءين متجاورين كلاهما يمنح دلالة لكنهما دلالتان مترابطتان:

      الأول: فضاء نصّي تحكمه بنية علائقية لغوية، نصٌ نسمعه ولا نراه.

      والثاني: فضاء تشكيلي يحكمه شكل ينتج موضوعة عن الوقائع الخطية والتشكيلية .

 

      أما العلاقة بين الفضاءين والدوال بينهما فهي علاقة تبرز الدلالة من خلال التلاحم والانسجام بين ما هو خارجي بما هو داخلي لينتج نصاً مرئياً، ولا نستطيع التغافل عن التأثيرات التي حققتها الدادائية والسوريالية في تكوين قصائده التشكيلية عن طريق تبنيها فلسفة الهدم الذي يفضي إلى البناء ومن اللانظام والفوضى واللاموضوع يتكون نظام وموضوع وموقف.

إنَّ فلسفة قصائده التشكيلية أقرب إلى خصائص المخيلة السوريالية فتبدو أول وهلة شاذة متهوسة ولكنها ما تلبث أن تستحيل واقعاً تتقهقر أمامه أقدس قواعد الأخلاق وأرسخ مبادئ المنطق ولا غرابة في ذلك فأن عماد نافع يؤمن بأن الحياة الحقيقية في مكان آخر، وكأنه يردد مقولة رامبو ((الحياة الحقيقية هي في مكان آخر، نحن لسنا في العالم))، وهو مؤمن بأن الحياة أغنى وأجمل وأوسع مما يعيشه معظم الناس وأن فيها مجالات لم تستكشف ومناجم لم تستثمر.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق