ثقافة وفنون

” ملحمة الحسين ” للشاعر المسيحي جورج شكور

 

على الضمير دم كالنار موار
ان يذبح الحق فالذباح كفار
دم (الحسين) سخي في شهادته
ماضاع هدراً ، به للهدي انوار
وللشهادة طعم لم يذقه سوى
الشم الاولى اقسموا ان يظلموا ثارو
قال الائمة ، وائتمت بهم امم
قال الخصوم ، وصدق القول اصرار:
اما (الحسين) ربيب للنبي ، أما
نماله في فؤاد الجد ايثار
سماه ريحانة الشبان حالية
على الجنان شذا الريحان معطار
وقبل الثغر يحبو روحه نسماً
كما تفاوح في الاسحار ازهار
اما (الحسين) وريث (للعلي) فتى
الفتيان من نهجه في السر اسرار؟
وسيفه( ذو الفقار) الفذ ذو الشطب
شهم التطلع فيما الغير غدار
خليفة المصطفى ( يوم الغدير) وقد
اتاه م الغيب : بلغ انت تختار
فقال : من كنت مولاه ، علي له
مولى وبايع بالالاف حضار..
اكبرت عن ادمعي يوم الحسين
وللشهادة البكر اعراس واكبار
في ثوبه احتشدت دنيا ، وقد نهضت
احلام امته اذ ضج انذار
هذا (يزيد) دعي الحكم ينذره
وهل يبايه بالاحكام فجار؟!
رد (الحسين) بـ(لا) كالسيف صارمةٍ
وسيد الحق بـ(اللاءات) زأار
سمعت جدي رسول الله حرمها
فلا خلافة في (سفيان) تشتار
المبدأ الحر سر لا أدنسه
مقدس وحماة السر احرار
حار( الوليد) فما غدر الحسين سوى
غدرٍ برأسٍ به يستكبر الغار
خسرت ديني وجنات النعيم إذا
خسرته ، ما انا والله جزار
ان لم يبايع ، فلا اثم ، ولا جرم
ولا جناح عليه الحر جبار
سار (الحسين) الى ترب النبي تقىً
مستلهماً سره للقبر اسرار
صلى ملياً ، فأغفى راودته رؤى
ان جده قال ، مافي القول اضمار:
اني أراك ذبيح (الطف)منطرحاً
في ( كربلاء) ومنك الدم فوار
ظمآن ويللك لاتسقى وهم بهم
الى شفاعتي السمحاء أوطار
يرجونها؟ لا ، وربي لن اجود بها
يوم القيامة ،لا، لم ينج اشرار
اقدم( حسين) حبيبي ، اهلك اشتعلوا
شوقاً اليك غداً للشوق ابصار
مدارج الدنيا العليا توزعها
روح الشهيد وابرار واطهار
قال (الحسين):(مشيناها خطىً كتبت)
الى الجهاد ، وإلا هدنا العار
نحن النسور ، سماء الله مسرحنا
ارواحنا ، فوق ، ان ضاقت بنا الدار
مضى الى مكة البطحاء معتزماً
لم يثنه ناصح ، لم تجد اعذار
(لاخارجاً اشراً ، لا مفسداً بطراً)
بل هم أمته في البال دوار
من العراق أتته الكتب ، قائلةً:
أنا فداك ، فأقدم نحن انصار
سرى (الحسين) بركب لايماثله
ركب ، فكيف التقت شمس واقمارُ؟!
وظل يستطلع الاخبار مبتهجاً
حتى أتته بما لم يهو اخبار:
قلوبهم معه في السر خافقةٍ
عليه اسيافهم في الجهر جهار
درى (يزيد) بما دار الزمان به
فدار منه على الثوار سمسار
هذا يعلله بالمغريات ، وذا
بالمرهبات ، وجيش الجور جرار
تشرى شعوب اذا جاعت ن وان جزعت
فالظلم مرتهب، والمال غرار
لكنما شهداء الحق من كبر
والشامخ الحر لايغريه دينار
يا(كربلاء) أأنت الكرب مبتلياً
وانت جرح على الايام نغار؟
لا ، لا ، وثيقة حق انت شاهدة
ان في الخليقة اشرار واخيار
وجولة الحق ، ان طالت لها اجل
والحق جولته في الدهر ادهار
كل الزعامات ، ان شيدت على ظلم
كالبطل ولت ، وصرح الظلم ينهار
ووحدها نسمات الروح باقية
على الزمان ، كأن العمر اعمار
يا(كربلاء) لديك الخسر منتصر
والنصر منكسر ، والعدل معيار
وفيك قبر غدت تحلو محجته
يهفو اليه من الاقطار زوار
فأين قبر(يزيد) من يلم به
غير التراب ، وفوق الترب احجار؟
يوم(الحسين) بك الايام شامخة
وقد تشابه في التاريخ ادوار
ذكرتني كأس سم راح يجرعها
(سقراط) حراً ، ولم تأسره افكار
ذكرتني رأس(يوحنا) به حلمت
احدى العواهر ، والظلام عهار
ذكرتنيه(يسوع) الحق ، مرتفعاً
على الصليب ، وفي كفيه مسمار
ظمآن قبلك لايسقى ، وان كرموا
انا عليه ، فكم في الخل إمرارُ!
ان العقائد ماهانت، وما وهنت
وان أحاط بها خطب وأخطار
زين الشباب ، لكم تهواك اشعار
وفيك تحلو احاديث وأسمار!
في (كربلاء) سكبت العمر ملحمة
بالدم خُطت ، وخطت عنك اسفار
رامحتهم ،وصهيل الخيل حمحمة
سايفتهم وصليل السيف بتار
ضجت لهيبك الصحراء مجفلةً
كأنما هب في الصحراء أعصار
لكن هويت ، وما الافق كوكبة
إلا عليك بكت ، والدمع مدرار
لم تكمل الشوط لكن ظل ملتفتاً
الى مثالك في الفرسان مضمار
قد جذ رأسك بالاسياف واقتطعت
رؤوس قومك ، قلب الحقد قهار
يا ويحهن على الارماح دامية
تخالها النخل ، لاحت منه اثمار
والنائحات بهن الاه لاهبة
خدودهن ، عليها الدمع حفار
رقت لهن دروب البيد ، باكيةً
ونكست رأسها في الدو اديار
حتى بلغن بلاط البغي ، وانكشفت
عن غي غاصبة الجزار استار
رأس (الحسين) به تلهو بمخصرة
كفا(يزيد) كأن لم يشفه ثار
غبن البطولة ، آه ، زينب هتفت
ترمي الكلام كما تصطك اشفار
او كالرماح ، وقد حرت بها حمم
او كالسهام اذا ما شد اوتار
ترنو لرأس اخيها ، الطرف منكسر
الى (يزيد) بها للطرف اظفار
ولهى وتهتف:ما للبطل مجترئاً
قوتلت ، بطل ، وما أقساك ن أقدار!
مهلاً،(يزيد) ولاتغررك منزلةٍ
كل الظغاة ، أذا عدوا ، لأصفارُ
الى خطابك قد ألجئت مرغمة
صغار قدرك لم يكبره إنكار
استعظم الامر ان آتي مقرعةً:
قد رمتهم مغنماً ، من مغرماً صاروا
تكيد كيدك ، تسعى السعي مزدهياً
وحول عنقك كالحيات اوزارُ
تشري الضمائر ، لكن ظل مذكراً
لاتنسها ، ما لأهل البيت اسعارُ
لا لن تميت لنا وحياً ولا نسباً
باقٍ لنا في قلوب الحب تذكارُ
نهز عرشك في الجلى نزلزله
لنا النعيم ، لك الويلات والنارُ
يوم ( الحسين) هم الاحفاد انهارُ
في العالمين ، لهم دفق وتيارُ
مذ ضيم لبنان ، واغتر الغزاة به
كانوا الفداء ، ورد الارض ثوارُ
ورددوا قوله، والدهر رددها:
ما ضاع حق به صك وإقرارُ
(القدس) عاصمة في الارض قائمةُ
وفي السماء لها بالروح إعمارُ

الشاعر : جورج حنا شكو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق